الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

أزمة الثّقة

 

أزمة الثّقة بين الشّعوب و المسؤولين أزمة حادّة في المجتمعات المعاصرة.و لا تستطيع خطابات هؤلاء المسؤولين المُمِلّة أو أكاذيبهم الفاضحة أو مُغازلاتهم المُضحكة  أنْ تَحلّ هذه الأزمة أو تُخفّف من آثارها.

وحملاتُ اللّقاح الأخيرة ضدّ الكوفيد-19 التي بدأت،في أروبّا، و الخوف من آثاره الجانبيّة و انعكاساته السّلبية على المَدَنَيْن المتوسّط و البعيد كلّ أولئك أعاد إلى الواجهة أزمة الثّقة المُستعصية التي ما فَتئت تستطيل و تتفاقم.و قد ازداد خَوف طوائف كبيرة في هذه المجتمعات،و منهم صُنّاع الرّأي و قادة سيّاسيون، و أعلنوا رفضهم أنْ يَكُونوا حقل تجارب لهذه اللّقاحات التي كان حَملُها و ولادتها في عام واحد بدلاً من أعوام و يَحُوطها التّسْييس مِن قبلُ و من بعد.و قد تأكّد خَوفهم حين رأَوا أنّ هؤلاء المسؤولين لم يُعطوا المَثَل بمواقفهم و ليسوا في مقدّمة المتطوّعين لتلقِّي هذا اللّقاح و اختبار نجاعته و فاعليّته.

أزمة الثّقة،إذنْ، من الأزمات الكبيرة في علاقة المسؤولين بالشّعوب في المجتمعات المعاصرة.و لا يمكن حلّ هذه الأزمة الحادّة و التّخفيف من آثارها المدمِّرة إلاّ بتوفير ضمانات جادّة و أدوات فاعلة كالشّفافية و الرّقابة و المحاسبة و خطاب الصّراحة و الوضوح و إعطاء المَثَل و التّواصل المسؤول...


الخميس، 24 ديسمبر 2020

تدجين الألم

 

الألم نَصيب مَقدور في حياة البشر و هو يَنقص و يزيد، في حياتهم ،و يَضعف و يتضاعف تَبعًا لمواقفهم و إراداتهم و تماشيًا مع إرادة الله القاهرة و حكمته العالية في التّقدير و التّدبير.

و أكاد أجزم أنّ الألم إذا كان يَهُدُّنا هدًّا،حينًا و أحيانًا، أو يَحرمنا و يَسلُبنا أوقاتًا و أزمانًا فإنّه،في المقابل، قد يُعلِّمنا و يَبْنينا و يُنْعشنا و يُحْيِينا و هو في كلّ الأحوال يَهَبُنا و يُعْطينا.

و يَجوز لي أنْ أبُوح،في هذا المقام، أنّي ما اكتشفتُ ذاتي و أعماقي و لم أتَجوّل بين العوالم و الأكوان إلاّ حين كان الألم صَهْوتي و وَقُودي و لم أحقّق الغَلَب و الانتصار إلاّ حين « زارني » هذا الألم،مرّة أو مرّات، فحرّرني و أغناني و علّمني و أحْياني و وَهَبني و أعطاني...

و إذا كان لا مَناصَ من الألم و لا مَنْدوحة من وَطأته و قَبْضته فإنّ تَدجين هذا الألم و مصاحبة آثاره و التّخفيف من غَلْوائها مُمكن و مَأمول.و لا شكَّ أنّ لكلّ واحد منّا أسلوبَه و وسائله في تدجين الألم و لكنّي أجزم أنّ أوّل خطوة جادّة في هذا الاتِّجاه هي الفرار إلى الله و الزَّلْف إليه و مداومة معيَّته التي لا تَبْلَى و لا  تَهون و لا تَخون.

تدجين الألم،إذنْ، مُستطاع و مأمول و لا تعيش إنسانيّتك كاملةً إلاّ حين يَعْصرك الألم عَصْرًا فيَغسل خَفاياك و حَناياك و يُزيل عنك كلّ صَدَإ و مَسْنُون و يستخرج أَعمقَ ما فيك و أثْبت و يُجْلِي أجْمل ما عندك و أطْهر فتَذوق ذلك المعنَى الجميل المُتعالي الذي أشار إليه محمّد إقبال في معاناته: إنّ الله علّمنا في حكمته أنّ انشراح الصّدر يَسْبقه ألَم.  


الخميس، 10 ديسمبر 2020

في ذكرى الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان

 

يحتفل العالم،اليوم، بالذكرى 72 لصدور الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يصادف يوم 10 ديسمبر من كلّ عام.و لقد كان جديرًا بهذا العالم الممزّق و بشعوب الأرض المضطهدة أنْ تحتفل بجنازة هذا ا لإعلان العالميّ الذي وضعه الكبار المنتصرون،بعد الحرب العالميّة الثانية، لإحكام سيطرتهم على الصّغار و الضّعفاء في كل مكان.

إنّ الذي تَطويه وسائل الإعلام العالميّة و الكتب المشبوهة و الدّراسات المتحيِّزة أنّ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان قد وُلد،بضعة أشهر، بعد اعتداء صارخ و جريمة كبرى كان ضحيّتها الفلسطينيّون الذين طُردوا من أرضهم و شُرّدوا في العالم وأقامت العصابات الصّهيونية،بمساندة الدّول الكبرى و تواطئها، دولة فوق أرضهم في مايو/أيار سنة 1948 .و كأنّ ميلاد هذا الإعلان العالميّ جاء تزكيةً لجريمة القرن الكبرى و تبريرًا لهذا الاعتداء البَواح أو كأنّ هذه الدّول الكبرى قد أعلنت بهذا التّواطؤ عن هويّة هذا الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان و كشفت عن برنامجه و عن مُبتغاه.

و قد شهدت الأرض،منذ صدور هذا الإعلان مظالم كثيرة و جرائم كبرى لم يشهد لها تاريخ الإنسانية مثيلاً.و اتُّخذت بنودُ هذا الإعلان العالميّ ستارًا لتغطية جرائم الحضارة الغربية بشقّيها الأمريكي و الأروبي.

فما الذي يبقى من رصيد للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان بعد طرد الفلسطينيّين من أرضهم و تشتيتهم في العالم و سَلبهم حقّهم في العيش أحرارًا في وطنهم ثم تمكين اليهود الصّهاينة فوق أرض فلسطين التي ليست أرضهم و تسليحهم و حمايتهم ؟

و ما الذي يبقى من وَزْن و تأثير للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يتواطأ مع الحكّام القَتلة و المستبدّين و يَدعمهم و يُزكّي حُكم العَسكر و يؤيِّد انقلابات الجيوش،في كلّ مكان، لأنّها تَخدم مصالحه في التّوسع و بَسط النّفوذ و تحقّق رغبته في السّيطرة على ثروات الشّعوب و التّحكم في مصائرها و تأبيد تبعيَّتها و إذلالها.

و ما الذي يبقى من جاذبيّة للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يَسلب الحياة و يزرع الموت و يقضي على الفَرحة و النّماء بألوان من الحرب و الحصار كما حصل في العراق و أفغانستان و يحصل في غزّة و في فلسطين...

و ما الذي يبقى من مِصداق للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يتلذّذ باستغلال عذابات الناس في الصّومال كما يستغلّ ظاهرة الجوع و الحرب في كلّ مكان لفرض شروطه و بسط نفوذه و إحكام سيطرته على البلاد و العباد.

و ما الذي يبقى من بَريق للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يقتحم على السّكان الأصليّين ديارَهم و يَسلبهم أسباب الرّزق و يَحرمهم وسائل الرّاحة و الأمان كما حدث مع الهنود الحمر و مع القبائل البدائية في إفريقيا و في القارّة الأمريكية الواسعة و في غيرهما.

و ما الذي يبقى من شرعيّة للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي يمارس الازدواجيّة و الانتقاء فلا يرفع صوته و لا يَحْزم أمره حين تُراق دماء العرب و المسلمين في إفريقيا و آسيا ودماءُ الضّعفاء قاطبةً،في العالم، و المنبوذين الذين تمارس ضدّهم كلّ أشكال العنف و الإرهاب و يَصرخ و يَعِد و يتوعّد و يُرسل الجيوش و الأحلاف حين تُهان الأقليّات المسيحيّة أو الأقليّات الأخرى التي تَخدم مصالح الغرب و تحقّق أطماعه بأيِّ شكل من الأشكال.

و ما الذي يَبقى من صلاحيّة للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان الذي لم يتّخذ خطوة جادّة للقضاء على ظاهرة السّياحة الجنسية،التي يَتفَنّن فيها الغربيّون، والاعتداءات الجنسيّة الممارسة ضدّ الأطفال و العنف الذي يُصيبهم و المتاجرة بهم و تشريدهم و استغلالهم في الأعمال الشّاقة التي ليست في مُكنتهم أو إقحامهم في الحروب و النّزاعات.

والذي يُقضَى منه العَجَب أنّ مبادئ حقوق الإنسان و مجموع القيم الإنسانية الخالدة لا يُسمح بانتعاشها وسريانها،وفقًا لرؤية الدول الكبرى المتسلّطة، إلاّ داخل المنظومة الغربيّة و داخل حدودها الجغرافية.أمّا شعوب الأرض الأخرى التي لا صلة لها بالحضارة الغربيّة فهي ليست مقصودة بهذا الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان و موادِّه و بنودُه ليست تَعْنيها لأنها شعوب همجيّة و متخلّفة و ينبغي التّعامل معها بكلّ أشكال العنف و القَهر و الإرهاب و الاستئصال.

و إنّ هذا السلوك الغربي ليس جديدًا أو مبتدعًا لأنه يُعيد إلى أذهاننا سلوكًا همجيًّا قديمًا و هو سلوك الرّومان،في حملاتهم المختلفة خارج روما، الذين كان يُجَنّ جُنونُهم،كما يقول المؤرّخون،فيحرقون و يدمّرون و يقتلون كلّ الشعوب و الأقوام الذين لا يفهمون لغتهم أو ثقافتهم.

إنّ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان قد أصبح لعبةً في أيدي الدّول الكبرى المسيطرة على ثروات شعوب العالم الثالث بل أصبح وسيلة فعّالة للقهر و الظّلم و الإبادة و الاستئصال.و كلّ أحداث القرن العشرين مضافًا إليها الجرائم الكبرى التي افتُتح بها هذا القرن الجديد و الحروب المتعاقبة و مؤامرات الانفصال و التّقسيم كلّ أولئك يزكّي هذا القول و يَعضده.

هذا هو حال الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان بعد اثنَين و سبعين عامًا من صدوره.و هذا هو التّلاعب الذي لَحِقه و ذلك هو القتل و الاستئصال الذي ارتُكب باسمه و الخَراب و الدّمار الذي أُنْجِز تحت لوائه.

و في انتظار أنْ تتحقّق عودة الوعي لَدى الجموع و الآحاد وأنْ تنتفض شعوب الأرض المظلومة على هذا الواقع الأليم الذي تعاني نتائجَه المدمِّرة فتستعيد زمام المبادرة من أيدي هؤلاء المجرمين الكبار فإنّ الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان سيظلّ مبرّرًا مناسبًا لكلّ عمليّات الإبادة و الاستئصال ووسيلة فعّالة للقهر و الإذلال و وثيقة فارغة من كلّ معنى ضَرُّها أكبر من نَفعها.


الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020

السّكر و الملح

 

للسّكر حلاوتُه و عُذوبته تَستسيغُه فتَستزيد منه.و لكنّ الملح له بنّتُه و خصوصيّته فلا الطّعام يكون طعامًا بدونه و لا المقادير تتوازن في غَيْبته.

السّكر و الملح لذّتُهما أجمل،في الحسّ و الشّعور، حين يتداولان و يتعاقبان.و لكنّ لذّتَهما تكون أكبر حين يَمتزجان فيذوب أحدهما في الآخر مُحافظَيْن على بنّتهما و خصوصيّتهما كما هو الحال في الطَّبق الحُلو المالح الذي يُغني ذَوقك و يُلوِّن شعورك و يُوسّع مَداركك.و كذلك الحال في شؤون الحياة كلّها سكّرِها و ملحِها لا تَحلُو و لا تَجْلُو إلاّ حين يتعاقبان أو يمتزجان.

السّكر و الملح كلاهما مُمتع و كلاهما مفيد و لن تستطيع أنْ تَحيا حياة كبيرةً في الفهم و الإدراك ممتلئةً في الشّعور و الوجدان إذا كنتَ تمتلك السّكر كلّه و أنتَ إلى الملح تَفتَقر.


الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

الخَلْق المستمرّ

الحياةُ حياتان: حياة عاديّة سطحيّة باردة كئيبة لا بَنَّةَ لها و لا طَعمَ و لا لون و هي شبيهة،إلى حدّ كبير، بحياة القطيع و الحيوان.و هنالك الحياة الأخرى التي تُشْبِعُك و تَستَوعبُك و تملأ أعصابك و خلاياك حِين تكون حياتُك في خَلْق مُستمرّ فتذوق مِن العواطف القويّة ما تَذوق و من الآلام الكبرى و اللّذات و ما يَنشأ عن هذه و تلك مِن معانٍ و دلالات و ما تُخلِّفه،هذه التّجارب و الأحداث، مِن آثار و عَقابيل أو تُرسِّخه،في أعماق النّفس، من قوّة و إيمان و و رجاحة و اكتمال  و بَصيرة و إبصار و عِناد و تَصميم...

 حين تكون حياتُك هي خَلْقٌ مستمرّ في كلّ وَضْع و حِين: في الصّباح و المساء و في اللّحظة و ما بَعدَ الحِين و في اليوم و الغَد و في الصّحة و المرض و في الفَقر و الغِنَى و في الوَجْد و الفَقْد و في النَّهضة و السّقوط و في الخَلْوة و الجَلْوة و في الفَرحة و الحزن و في اللّذة و الألم...

و حين تكون تَجلِّياتُ هذا الخَلق المستمرّ غالبة في الشّعور و الوجدان و في الهواجس و الخواطر و في الخَفَايا و الحَناَيا و طافحة في المواقف و الأفكار و في المقاصد و النِّيات و في العزيمة و الإرادات...

 حين تكون حياتُك هي هذا الخَلْق المستمرّ في كلّ الأزمنة و في كلّ الأودية و الأوضاع و تكون تَجلِّياتُها غالبة طافحة فإنّها تكون،حينئذ، حياةً أكبرَ من مجرّد حياة و أعمق سَيلاً و أكثرَ جاذبيّة و أوسعَ تأثيرًا.و هذا الخَلْق المستمرّ هو الذي يَخْلُقك،دائمًا، خَلقًا آخر و هو الذي يَهَبُ لحياتك طَعمًا و بنَّة و لَونًا و هو الذي يُجدِّدك و يُؤكِّدُك و هو الذي يُنمِّيك و يُحْيِيك.


الاثنين، 9 نوفمبر 2020

من هو جيرالد دارمنان Gerald Darmanin زير الدّاخلية الفرنسيّ ؟

 

من هو جيرالد دارمنان Gerald Darmanin وزير الدّاخلية الفرنسيّ  الذي زار الجزائر الأحد 08 نوفمبر 2020 و تزامنت زيارتُه مع اندلاع الحرائق في الغابات الجزائريّة ؟

الاسم الكامل: جيرالد موسى دارمنان و هو ابن جيرارد الذي كان صاحب مقهى في مدينة فالنسيان Valenciennes في شمال فرنسا و هو من أصول يهوديّة مالطيّة و أمّه، و هي من أصول جزائريّة، كانت عاملة نظافة في إحدى البنوك الفرنسيّة.و قد و كان والدُها،أيْ جَدُّه لأمّه، جنديًّا مقاتلاً في الجيش الفرنسيّ في إبّان ثورة نوفمبر و هو يلقِّبه ببطل الجمهوريّة و يُثْني عليه في مواقفه و مقالاته.

وزير الدّاخلية الفرنسيّ جيرالد دارمنان Gerald Darmanin ،و هو حفيد الخائن و الحَرْكيّ الذي قاتل الجزائريّين في  صفوف الجيش الفرنسيّ، معروفٌ بمواقفه الحاقدة و العدائيّة تجاه الجاليات المسلمة في فرنسا.و قد طالبت محكمة في باريس،منذ أشهر قليلة، بفتح ملفّ التّحقيقات التي تستهدفه لأنه مُتَّهَم بالتّحرش و الاعتداء الجنسيّ عام 2009.

و قد زار جيرالد دارمنان قرية أولاد الغالي،في ولاية مستغانم، و هي مكان ولادة جدّه موسى واكيد Moussa ouakid ، الحَرْكيّ الذي قاتل الجزائريّين مع الجيش الفرنسيّ، و أعلن أنه سعيد بالعودة إلى أرض أجداده.و لم يَقُل الجزائر و إنّما قال ( أرضُ أجداده ) أيْ أنه يقصد الجزائر الفرنسيّة !


أمريكا و العالم

 


العالم كلُّه منشغل بأمريكا و هو يتابع أحوالها في الحرب و في السّلم و حين تَرضى و حين تَغضب.و يتضاعف اهتمام هذا العالم بأمريكا في فترة الانتخابات إلى درجة شعوره بأنه مشارك في هذه الانتخابات أو مَعنيٌّ بها أو أنّ مصيره متعلّق بنتائجها.

فما سبب هذه  « التّبعية المُبَطّنة » و ما سبب هذه الجاذبيّة و الافتتان ؟

الجواب: الهَيْمنة .و الهَيْمنة هي القدرة المطلقة على الشّيء من كافّة جوانبه و بشتّى الوسائل.و هذه الهَيْمنة الأمريكيّة بادية في مظاهرها السّياسية و الاقتصاديّة و العسكريّة و التّكنولوجيّة.و لكنّ هذه الهَيْمنة بادية أكثر في مظاهرها الثّقافية و الفنّية إذْ إنّ أمريكا بمؤسّساتها البحثيّة و قياداتها العلميّة و الفكريّة و الفنّية تَصنع للعالم،بشكل ما، أسلوب تفكيره و نَمط عَيشه و وسائل نجاحه و أذواقَه و ألوانه...و هي التي تصنع لهذا العالم،أيضًا، لُغته و قِيمه و مصطلحاته...

و هذه الهَيْمنة بمظاهرها المختلفة هي التي حقّقت لأمريكا هذه السّيادة المطلقة supremacy  على العالم و حقّقت لها هذه الغلبة الظّاهرة في الواقع و في الضّمائر و الأذهان مِصداقًا لكلمة ابن خلدون الخالدة التي تُؤكّد: « أنّ المغلوب مُولَع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شِعاره و زيِّه و نِحْلته و سائر أحْواله و عَوائده «.





السبت، 31 أكتوبر 2020

فاتح نوفمبر 2020

 

إنّ عظمة نوفمبر في ماهيَّته: إنّه الثورة و الانتفاضة و التّمرد.و هو الدَّويُّ و الصَّرخة و الانفجار.إنّه الإرادة و الإباء و العِناد.و هو الصَّيْحة و الهَبّة و الغَلَيان.إنّ نوفمبر هو الغَضبة الكبرى التي عَصَفت بالظّلم و الظّالمين بعد 132 سنة من الحقد الفرنسيّ المدمِّر و الهَمَجيّة الفرنسية الوَحشيّة و الإبادة الجماعيّة و القتل المنظَّم و الدّماء و الأشلاء و الدّموع و الأحزان و سياسات القَهر و الإذلال و التّعذيب و التّنكيل و النّفي و الاستئصال و الطَّمْس و التّجهيل...

إنّ نوفمبر تَضيق به الكُتبُ و الصّحائف و المُدوَّنات فكيف تَسَعُه الدِّيباجة المُتهافتة و الجُملةُ النّاقصة و الإشارة الباهتة و اللَّفْتة المَشكُوكة و النِّية المُبيَّتة و الإيحاء المُتَّهم ؟ و إنّ كلّ محاولة لتَحْنِيطه أو مصادرته هي محاولة فاشلة لأنّ نوفمبر،بطبيعته، يتجدَّد و لا يتبدَّد مقاومًا للموت مُتأبِّيًا على التّحول و الانتقال كطائر الفَينَق الذي يُبْعَث من فَنائه و رَماده.

إنّ نوفمبر هو الأمل و هو الحرّية و هو الانطلاقة و الاتِّجاه.و قد عَلَّمنا نوفمبر،و لا يزال، أنّ الجزائر ليس لها إلاّ حليفان: إيمانُها الكبير الذي يُحرِّك الجبال و شَعبُها العظيم الذي يأبَى الخضوع و الاستسلام.و هذا المعنى الخَفِيُّ الجَلِيّ هو الذي تُوحي به كلمات الإلياذة الخالدة:

            و لولا العَقيدةُ تَغمُر قَلبي ***** ما كُنتُ آمَنتُ إلاّ بشَعْبي    


الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

الكتابة معاناة

 

إنّ الكتابة معاناة و إنّي لأكاد أجزم أنّ المعاناة لا تظهر في شيء كما تظهر في عمليّة الكتابة.و لقد أساء إلى الكتابة كثيرًا و شوّهَ مُحيَّاها طوائفُ من المثقّفين و المتعلّمين حين أفْرغوها من كلّ معاناة فأصبحت،عندهم، عملاً هيِّنًا بسيطًا يمارسونها كما يمارسون بعض الوظائف الحيويّة أو الهوايات.

و إنّه ليكفي متابعة ما يُسجَّل في أغلب الصّحف و المجلاّت و ما يُسطَّر في بعض الكتب و الأسفار ليَستَيقن المرء أنّ الكتابة،في هذه الأيّام، بَهَت لونُها و هان شأنُها و زال تأثيرها حين تصدَّى لها أصناف من الناس يفتقرون إلى الوسائل و تُعوزهم الأدوات و لا يَحُوزون القدرة على الوفاء بأكبر مقتضيات الكتابة ألا و هي المعاناة.و بسبب هذه الأصناف المزدحمة عند باب الكتابة،زُورًا و ادِّعاءً، أو نتيجةً لجرأتهم استحالت الكتابة موتًا و مواتًا بدلاً من أنْ تكون بعثًا و حياةً و نشورًا.

إنّ الكتابة معاناة في الظاهر و الباطن: معاناة في الألفاظ و الكلمات و في الجمل و العبارات و في الإطار و الأشكال.و معاناة في المعاني و المضامين و في اللَّطائف و الأبعاد و الإيحاءات.و معاناة في النّظم و الترتيب و الجمع و التّنسيق.إنّ المعاناة لحاضرة في كلّ مراحل الكتابة: في أوَّلها و في وسطها، في مبدئها و في مُنتهاها.و هي كذلك حاضرة في مُنعطفاتها و منحنياتها و في زواياها و ثناياها و في لُحمتها و سَداها.

و إنّ هذه المعاناة لحاضرة،فضلاً عن ذلك كلّه ،في مجموع الظّروف النّفسية التي ترافق عملية الكتابة و تتلبَّس بها و في حالات المزاج المختلفة التي تتخلّلها و في لحظات التأمّل و الاستبطان التي تغشاها كما هي حاضرة في ذلك المزيج الحادّ من عواطف اللّذة و الألم و السّأم و الملل و الشّك و اليقين و القُدرة و العجز و البَسط و القَبض و التّدفق و النّضوب و الاندفاع و التّريث و الإقبال و الإدبار و السّمو و الدّنو...بل إنّ حضورها ليمتدّ،أحيانًا، عند بعض الكاتبين الكبار و يتعاظم و يستطيل فيُصاحبهم حينًا مَديدًا بعد فترة الكتابة و الإبداع و يَغْشاهم آناءً بعد التّسطير و النّهاية و التّمام.

و كلَّما كانت المعاناة كبيرة استنفدت طاقاتِ الكاتب و استهلكت عُصارتَه و اختلطت بدمه  و أعصابه و حينئذ،فقط،تفوز هذه الكتابة بالخلود و تحظَى بالدّوام و الامتداد فتَسْكن القلوب و العقول قبل أنْ تسكن الغَيب و المستقبل و حياة الأجيال.أما تلك الكتابة التي وُلدت باردة هامدة جامدة لأنّها لم تُصْهَر في بَوتقة المعاناة فإنّ أحدًا من الناس لا يَأويها و لا هي تجد من يحتضنها و يتبنّاها لأنها وُلدت ميّتةً و الناس لا يتبنَّوْن الأموات.


الخميس، 17 سبتمبر 2020

الوطن المنفَى

المَنْفَى هو اسم مكان من فعل نَفَى يَنفي نَفيًا.و يَجِيء هذا الفعل،في معاجم اللّغة، للدّلالة على معانٍ متقاربة منها: الإخراج و الإبعاد و الطَّرد و التَّنحية و الإنكار  و الجحود.و عقوبة النَّفي،في القانون، هي الحُكم بإبعاد شخص من بَلده و إقامته في بَلد آخر لمدّة معيَّنة أو مَدَى الحياة.و المَنْفَى هو مكان إقامة المَنْفيِّ من وطنه.

و السّؤال هو:هل يكون الوطن مَنْفًى ؟ و هل هناك نَفْيٌ في الوطن ؟ و كيف يكون الإنسان منفيًّا في وطنه ؟

- النَّفْيُ في الوطن هو أنْ تَحْيا في وطنك و منزلك و بَين أهلك و ذَويك سالمًا مُعافًى و لكنّك كارهٌ لمُقامك ضائقٌ بوجودك ماقِتٌ لوضْعك يائسٌ من كلّ ما حَولك تتمنَّى زَواله أو الانتقال عنه.

- النَّفْيُ في الوطن أنْ تُسلَب حرّيتك و اختيارك و أنْ يُصادَر تفكيرك و أنْ تُرْتَهن عواطفك و ميولاتك ثمّ يُقال لك ترغيبًا أو ترهيبًا: هذا هو الطّريق فاسْلُكه و هذا هو الرَّأي فالْزَمْه و هذا هو العقاب فاحْذَره. 

- النَّفْيُ في الوطن أنْ تُقْتَل فيك مواهبُك و أنْ تُعطَّل طاقاتُك و أنْ تُسْرق منك أحلامُك و تطلّعاتك و أنْ تَموت في أعماقكَ إنسانيّتُك،يومًا بعد يوم، حتَّى تُصبح أنتَ نفسَك نسخةً مزوَّرة عن شخصيّتك و حقيقتك.

- النَّفْيُ في الوطن هو أنْ تَشعر بالغُربة و العذاب لأنّك لا تملك يَوْمك الذي أنتَ فيه و لا تستطيع أنْ تُسطِّر غَدك الذي أنت مُقْبلٌ عليه و تُوضَع أمامك كلُّ القوانين و العقبات و الإجراءات لكي لا تَحْيا حياة إنسان مُكرَّم و لا تعيش عِيشة مواطن مُعْترَف بقيمته و وجوده.

- النَّفْيُ في الوطن هو هذا الشّعور المُرّ الثّقيل القاتم الذي يَلْبسُك و لا تَلْبسُه و يَجْثُم على صدرك فلا يُفارقه و يَقودك فلا تُقاومه و يُمْلي عليك فلا تُقاطعه.

- النَّفْيُ في الوطن هو هذه الأوضاع السّياسية و الاقتصادية و الثّقافية و الاجتماعيّة التي تَسْلُب الإنسانَ المواطن خصائصه الإنسانيّة الكُبرى التي بها عُرِف في عالم الغَيب و بها يَتميّز في عالم الشّهادة و الحِسّ فيُصبح مطرودًا في وطنه و مُبْعَدًا و مَقصيًّا أو يَستحيل مخلوقًا مشوَّهًا أو بهيمة عَجْماء أو شيئًا غير ذي قيمة و ذِكر.  

- النَّفْيُ في الوطن هو إعلانٌ لمَوت المواطن و مَوتِ أحلامه و أشواقه و هو قَتْل لإنسانيّته و تميّزه و هو مصادرة لإرادته و اختياره و هو تعطيل لطاقاته و تَكْبيل لقدراته و هو مطاردة لوَعْيه و أفكاره و هو إنكار لذكائه و إبداعه...

- و النَّفْيُ داخل الوطن هو هَدْمٌ للوطن لأنه هَدم لقاعدته،و هو المواطن، و هَدْمٌ لعمودِه و زاويتِه. 

الأربعاء، 22 يوليو 2020

المعركة حول لقاح الكوفيد - 19

المعركة مُحتدمة،هذه الأيّام، حول الحصول على لقاح للكوفيد-19 و تسويقه بين شركات الدّواء الكبرى مثل: AstraZeneca, Pfizer, Sanofi, Johnson & Johnson   و غيرها إضافة إلى الصّينيّين الذين يعملون في صمت بعيدًا عن الأضواء.

و قد أعلنت بعض شركات الدّواء أنها قد انتقلت إلى المرحلة الثّالثة،في هذا الشّأن، و هي مرحلة استعمال اللّقاح  في الظّروف الحقيقيّة و معرفة الجُرعات و المقادير اللاّزمة للتّأكد من فاعليّة اللّقاح و اختبار قدرته على إنتاج الجسام المضادّة Anticorps  داخل الجسم المُصاب.

و الحقّ أنّ شركات الدّواء الكبرى و الدّول الدّاعمة لها قد انتقلت من معركتها إلى تحقيق الصّحة العموميّة و الأمن الصحي إلى معركة اقتصاديّة و سياسيّة شرسة غايتها تحقيق السّيطرة و الغَلَب و التّحكم و الابتزاز السّياسي و بسط النفوذ في عالم مَهووس بامتلاك القوّة كلّ أنواع القوّة و لا يعترف بالضّعيف إلاّ بمقدار طواعيّته و خضوعه.

و إذا كان موضوع الصّحة و الصّحة العموميّة عاملاً أساسيًّا في عمليّة التّنمية الشّاملة فما هو موقف الجزائر من هذه المعركة المحمومة حول هذا اللّقاح و ما الذي أعَدَّته لمواجهة كلّ الاحتمالات النّاشئة من هذه المعركة و التي قد تهدِّد سيادتها و أمنها القوميّ ؟

 

الجمعة، 5 يونيو 2020

جورج فلويد George Floyd







08  دقائق و 46 ثانية...

في 08 دقائق و 46 ثانية تمّ قتل جورج فلويد George Floyd خَنقًا على المباشر.

و هذا القتل الوحشيّ حرّك شعوب العالم على اختلاف ألوانها و لغاتها و دياناتها فقامت مندّدة لا تُخفي كُرهها للظّلم و الظّالمين...

و إن هذا القتل الوحشيّ على المباشر الذي حرّك شعوب العالم و وحّد وقفتها أعاد إلى الواجهة الحديث عن القيم الإنسانيّة الخالدة التي تتطلّع إليها هذه الشّعوب و هي الحرية و العدالة و سيادة القانون...

و المؤمَّل أن يشهد القرن الحادي و العشرون عودة الشّعوب و انتعاش هذه القيم الإنسانيّة التي اغتصبها طغاة السّياسة و طغاة المال.





الثلاثاء، 26 مايو 2020

العيد في زمن الوباء


هل يَفقد عيد الفطر،هذا العام، قيمتَه و لذّته و آثاره ؟ و هل يكون عيد،هذا العام، عيدًا « حزينًا » ؟

نعم.إنّ العيد بمعناه الكامل المتعارَف عليه في الإسلام و المتعارَف عليه عند النّاس لم تتحقّق كلُّ أوصافه و لم تتهيَّأ كلّ ملابساته في عيد فاتح شوّال 1441 الموافق ل: 24 ماي 2020.و لكنّ هذا العيد ليس عيدًا حزينًا بل هو عيد مميَّز بسبب الوباء و مخلَّفاته.و هو لم يَفقد قيمته و آثاره لأنّ قيمته و آثاره لا علاقة لها بالأسباب الخارجيّة.

إنّ لعيد الفطر قيمتَه الجَوّانية التي تُصاحبه و آثارَه المختلفة اللّصيقة به التي يكتسبها من امتحان الصّوم و الالتزام بآدابه،أيّام رمضان، و من ناشئة العَشر الأواخر المشهودة في الأرض و السّماء و من مجموع العبادات و الصّدقات،في هذه الأيّام، و من طبيعة الهواجس و المقاصد و النّيات التي تسكن قلب المؤمن و من عموم علاقته بربّه و مراقبته له في هذا الشّهر العظيم.

إنّ العيد جائزة و الجائزة تَعقُب الامتحان و الامتحان هو رمضان.و لا تَفقد هذه الجائزة قيمتها و آثارها و حلاوتها بسبب ظروف طارئة و ملابسات.

إنّ عيد الفطر هذا العام شَببه،مع الفارق، بعبادات أخرى يمارسها المؤمنون في أوضاع غير طبيعيّة و ظروف.إنّ الصّلاة،و هي عمود الإسلام، قد يؤدّيها المؤمن،عند الضّرورة، بغير وضوء و قد يصلِّيها قاعدًا أو مُستلقيًا أو بالإيماء.و هذه الصّلاة نفسها في زمن الخوف و الشّدة و الحرب تُؤدَّى بشكل آخر مختلف.

فهل تَفقد هذه الصّلاة الواجبة بسبب هذه الظّروف المختلفة قيمتها و آثارها.إنّ الذي يبدو لي أنّ قيمة هذا العيد و آثاره و كذلك قيمة كلّ العبادات و آثارها لا علاقة لها،في المقام الأوّل، بالأسباب الخارجيّة و الملابسات.و لستُ أستبعد إضافات المُحيط العامّ و البيئة الخارجيّة و الملابسات،أو أَنْفيها، في تحقيق الشّعور القويّ بالعبادة و رسم جمالها و جاذبيّتها و لكنّ الذي أُشير إليه أنّ كلّ ما يتحقّق من العبادات المختلفة إنّما هو مسألة باطنيّة مَهْدها الأوّل و مبدؤها ثمّ مَشْهدُها أعماقُ النّفس و أحوالُها و ليس الحياة العامّة و ملابساتها.

إنّ الذي يستفيده المؤمن و يتعلّمه من عيد الفطر 1441- 2020 هو أنّ إرادة الله غالبة في الإنسان و الأكوان في كلّ حال و وقت و آن: في الصّحة و المرض و في العطاء و المَنع و في البَسط و القَبض و الوُجْد و الفَقد...و أنّ من مقتضيات الإيمان أنْ يتأقلم العبد المؤمن مع مجموع هذه الأوضاع و أنْ يُساير،في أحواله كلّها، إرادة الله القاهرة.


الخميس، 30 أبريل 2020

التّعبئة



التّعبئة نوعان: تعبئة حسّية و التّعبئة الأخرى.فأمّا التّعبئة الحسّية فيتحقّق بها صلاح الجَسد و بقاؤه و يتوقَّف عليها قوّتُه و قِوامه.و أمّا التّعبئة الأخرى فهي التّعبئة الرّوحية و بها يتحقّق صلاح الإنسان حِسًّا و معنًى في هذه الحياة و في الأخرى.و هي التي تُعطي للوجود الإنسانيّ،في هذه العاجلة، وظيفةً و معقوليّةً و معنىً.

و إنّ رمضان هذا الزّائر السّنوي غايتُه الأولى هي تحقيق هذه التّعبئة الرّوحية و البلوغ بها إلى أقصى الدّرجات و تنمية الخصائص الإنسانيّة و المواهب الإلهيّة،في هذا المخلوق البشريّ، من خلال تعرّضه للنّفحات الإلهيّة الكُبرى التي يَحُوزها رمضان، شهرُ الله، دون سائر الشّهور.

 إنّ التّعبئة الرّوحية،في رمضان، لذَّتَها و قوّتَها و تأثيرَها لها حال لا يُشبه أيَّ حال في كلّ الأحوال: فهي تبدأ شيئًا قليلاً،في أوّل رمضان، ثمّ تَتزايد و تتصاعد،في وسطه، فتصبح حبيبةً إلى النّفس ثمّ تتعاظم هذه اللّذة،في العشر الأواخر، فتَزهو بها النّفس و تَصفُو صفاءً و تَأنس إليها فلا تَبغي عنها حِوَلاً.

و حين تصل هذه التّعبئة الرّوحية أوْجَها و مستوياتِها العُلَى فتتشبَّع بها النّفوس المؤمنة و تَستَنيم لها و تطمئنّ إليها و ترتاح يُؤذِّن مؤذِّن من قِبَل الله أنْ يا أيُّها الضَّيفُ قد أزِف الرَّحيل و حان الفِراق.

فطُوبى لِمن كانت تعبئتُه في،في رمضان، هي التّعبئة المُثلَى فَذاق و شاق و فاق و ما مَاق.و طُوبى لكلّ نفس مُؤمنة تَشبَّعتْ لذّةً و امتلأت حبًّا،في رمضان، و امتلأت شَوقًا فظلّ شَوقُها و حَنينُها يُناجي الضَّيف الحبيب الذي فارق و فَصَل.         

الخميس، 23 أبريل 2020

رمضان في زمن الوباء






هذا أسوء رمضان نصومه!

هذا ما يقوله بعض النّاس و هم ضائقون من الصّيام في زمن الوباء. 

إنّ هذا الكلام،بصرف النّظر عن قائله، لا يَليق بالعبد المؤمن و لا يُستساغ و هو مجانب لمُقتضيات العبوديّة و مناقض للأدب الواجب مع الله جلّ و علا.

إنّ قدر الله سائر في الخلائق كلِّها.و إنّ قدر الله ماضٍ في الأكوان كلِّها.و إنّ الله يفعل ما يشاء و لا رادَّ لقضائه و لا يُسأل عمّا يَفعل و عباده يُسألون.و حين ينزل قَدَر الله فليس أمام العبد المؤمن سوى الإذعان و التّسليم و مدافعة قَدَر الله بأقدار الله و ملازمة بابه مع الإلحاح في المسألة و إظهار التّذلل الذّليل و التّضرع الجليل و التّطلع إلى فَرَج الله و واسع رحمته.

هذا هو سلوك المؤمن.و هذا هو موقفه و هذا هو شعوره.أمّا الاعتراض المُبَطَّن على قَدَر الله و التَّعالم و الادِّعاء و التّنطع و التَّفَيهق و التَّشدق...فهذه بضاعة الحَمقَى و الفارغين الذين لا يُحسنون صُنعًا في الأوقات كلِّها: في العافية و الرّخاء و حين البأس و عند نزول الشّدائد و البلاء.

 

 

 

الأحد، 29 مارس 2020

ديديي راوولت Didier Raoult

هذا الرّجل هو: Didier Raoult طبيب مختصّ في الأمراض المُعديّة. و قد استطاع التّقليل من الشّحنة الفيروسيّة في الكوفيد -19 عند المُصابين بعد ما أعطاهم مادّة فعّالة مضادّة للملاريا هي Hydroxychloroquine.  و هي تُسوَّق في الصّيدليات بأسماء دوليّة مشتركة مثل Plaquenil ، Axemal، Dolquine ، Quensyl
و قد كانت هذه النّتائج مشجِّعة أكثر حين أضاف إليها Azithromycine و هو مضادّ حيويّ معروف بفاعليّته ضدّ الفيروسات.
هذا الرّجل الذي ظلّ ثابتًا على موقفه تجاهل نداءَه صنّاعُ القرار،في فرنسا، المتواطئون مع شركات الدّواء المهووسة بجمع المال و الثّراء الفاحش و التي تَرى في هذا الدّواء الزّهيد الثّمن،الموجود في الأسواق، تهديدًا لسيطرتها على الأسواق و على مصائر النّاس.
و لكنّ هؤلاء جميعًا الذين همّشوه و انتقدوا هَيئته و هِندامه أُجْبروا على الاستماع إلى ندائه،تحت الضّغط الشّعبي، فزكَّوا عمله و أجازوا،مُكْرَهين، الاختبارات العلاجيّة كما مارسها و طالب بها و هذا أوّل انتصار حقّقه.
و بغضِّ النّظر عن نجاح مَسْعى هذا الرّجل في تخفيف آلام المُصابين أو فَشله فإنّ هذه الأجيال البشريّة المعاصرة تحتاج إلى مثل هذه الشّخصيات القويّة المميّزة التي ترفض الخضوع للأحاديّة الكالحة المفروضة في التّفكير و في العمل و التي تَخرج،في الوقت المناسب، عن الإطار الحِصار فتقاوم الأوضاع الكارثيّة التي يَصنعها،يوميًّا، طغاةُ السّياسة و طغاةُ المال الذين حوّلوا عالمنا الجميل إلى جحيم لا يُطاق.

الجمعة، 27 مارس 2020

إيطاليا تشكو الخذلان


إيطاليا تشكو إلى العالم خذلان أوروبّا لها و أمريكا في عزّ فاجعة الوباء
تابع هذا الفيديو و استمع إلى الضّمير الجمعيّ الإيطاليّ لتستيقن أنّ كورونا هو الفيروس الخلاّق...وأنّ الكوفيد- 19 سيَخلق أوضاعًا جديدة فوق الأرض و سيُحدث هزّات كُبرَى في الضّمائر و النّفوس و في الأفكار و القيم و المعتقدات...
...

الاثنين، 23 مارس 2020

هيدروكسي كلوروكوين Hydroxychloroquine


ظهرت نتائج أولى مشجِّعة لعلاج فيروس كورونا،في فرنسا، بعد إعطاء 24 مصابًا مادة فعّالة مضادّة للملاريا هي Hydroxychloroquine و هي تُسوَّق في الصّيدليات بأسماء دوليّة مشتركة مثل: Plaquenil ، Axemal، Dolquine ، Quensyl
و قد كانت هذه النتائج مشجّعة أكثر حين أضيف إليها Azithromycine و هو مضادّ حيويّ معروف بفاعليّته ضدّ الفيروسات.و قد استطاع هذا العلاج التّجريبي التّقليل من الشّحنة الفيروسيّة في الكوفيد -19 و هذا ما يساعد على مقاومته و دَحره.
و لا يمكن التّحقق من نجاعة هذا الدّواء إلاّ بعد توسيع هذا الاختبار ليشمل مصابين آخرين في مستشفيات أخرى للتّأكد من فاعليّته على نطاق واسع.
و إلى جانب الفرنسيّين هناك سباق بين الألمان و الصّينيّين و الأمريكيين للحصول على لقاح أو دواء ناجع ضدّ هذا الوباء.

الاثنين، 16 مارس 2020

التّباعد الاجتماعيّ

هناك مصطلحات تُولد في رَحِم الأزمات و الشّدائد أو هي مصطلحات موجودة و لكن يُعاد إحياؤها أو التّعديل فيها.و من هذه المصطلحات مصطلح التّباعد و هو مصطلح قائم في علم النّفس و هو سلوك دفاعيّ مقصود به التّباعد عن الأشخاص و الأحداث و غايته هي إعادة النّظر و التّشكيك و الفحص و التّصحيح.
أمّا التّباعد الاجتماعيّ distanciation sociale - social distancing الذي يَكثر استعماله،هذه الأيّام، في وسائل الإعلام و في مواقع التّواصل الاجتماعيّ بسبب فيروس كوفيد- 19 أيْ فيروس كورونا فيُقصد به تحديد الإنسان لحركته الاجتماعيّة أو إلغاؤها لتجنّب الإصابة المحتملة أو لنقل الإصابة للآخرين و ذلك باتّباع مجموعة من الإجراءات منها:
1- البقاء على بعد متر واحد،على الأقل، من المحاطَبين
2- تجنّب التّجمعات الكبرى التي تُسهّل العَدوَى و انتقال الفيروس
3- تجنّب المصافحة و العناق و الاحتكاك الجسديّ و الملامسة
4- تجنّب السّفر إلاّ لضرورة قصوى مع أخذ الاحتياطات الواجبة
و قد يأخذ التّباعد الاجتماعيّ معناه الكامل و تتأكّد إجراءات التّباعد الاجتماعيّ و تتصاعد مع تصاعد عدد الإصابات و استفحالها و تزايد الوَفَيات.و حينئذ قد يتمّ غلق المدارس و الأسواق و المطاعم و المقاهي و المؤسّسات الثّقافية و كلّ الأماكن التي تَشهد إقبال النّاس و لقاءاتهم و تجمُّعاتهم كما قد تُلغى النّشاطات المختلفة و المناسبات و التّجمعات الكبرى التي يَكثر فيهاالاحتكاك و الاتصال الوثيق و تصبح ملازمة البيوت أمرًا واجبًا و سلوكًا وقائيًّا.
و هذه الإجراءات تُوصي بها السّلطات الصّحية و كذلك تُوصي بها منظّمة الصّحة العالميّة لاحتواء الوباء و الحدّ من انتشاره.

الجمعة، 13 مارس 2020

الرّحمن الرّحيم

كيف اهتدى الرّجل إلى هذه المعاني العميقة في الفاتحة ؟ و ماذا الذي تحرّك في أعماقه فاستوقفته هذه المعاني الجليلة ؟ و لماذا التفت إليها و ربطها بذلك السّياق الوجودي الكبير ؟ و ما الذي جعله يعبّر عنها هذا التّعبير العجيب ؟
إنّها الإنسانيّة. إنسانيته الأصيلة هي التي قادته إلى هذه الظّلال الوارفة و هي التي فجّرت فيه هذه المعاني الجميلة و الإيحاءات العذبة.
إنه إنسان يشعر و يتذوّق و يلاحظ و يتأمّل و يعاني و يتألّم...و هذا الشّعور الإنسانيّ الأصيل هو الذي كان مَدخلَه إلى الفاتحة و هو الذي ساق خطواته بل هدى قَلبه إلى الفاتحة فرأى فيها من المعاني الجليلة ما رأى و تحدّث عنها بهذا العمق و هذه الشّفافية و وصفها بهذه العظمة و هذا الجمال..
كُنْ إنسانًا،إذنْ، قبل أنْ تكون متديِّنًا لأنّ الدّين إنّما جاء لاستكمال خصائص الإنسانية.

:Francis Ford Coppola أمريكيّ الجنسيّة، من أكبر السّينمائيّين في القرن العشرين.ومن أفلامه الكبرى: Apocalypse now الذي يتناول جحيم حرب الفياتنام و كيف حوّلت الجنود الأمريكيّين إلى وحوش.و قد حصل هذا الفيلم على السّعفة الذّهبية La palme d'or  في مهرجان كان الدّولي للسّينما Cannes سنة 1979.

اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/