الجمعة، 21 فبراير 2020

الحراك الشّعبي الجزائريّ في عامه الأول











22 فبراير 2019 - 22 فبراير 2020: الحراك الشّعبيّ الجزائريّ في عامه الأوّل.
هناك مجموعة نقاط و أوصاف يمكن استفادتها من هذا الحراك الشّعبيّ السّلمي الحاصل،في الجزائر منذ فبراير 2019.
1- أُولى أوصاف هذا الحراك أنه حركة أفقيّة يستمدّ قوّته و عُمقه من أفقيّته و انتشاره.فقد شاركت في هذه الاحتجاجات كلّ فئات الشّعب بانتماءاتها المهنيّة و التّعليمية و السّياسية المختلفة:الرّجال و النّساء و الشّباب و الكهول و الشّيوخ و العجائز الأطفال و حتىّ الرّضع.
و كلّ هذه الجُموع تُعلن صرختها مدوّيةً أنّ الجزائر ليست مَريضة بِدينها أو بهويّتها و إنّما هي مريضة بنظامها.و كلّ هذه الجموع تسير نحو غاية واحدة،و هي مُصمّمة عليها، و هي إنقاذ الجزائر من هذا النّظام اللّئيم الذي باع الجزائر في المزاد الرّخيص و أهان شعبًا بأكمله حين سَلبه حرّيته و اختياره.
2- أكّد الجزائريّون،من خلال هذه الاحتجاجات السّلميةّ، أنّهم شعب واحد و يَأْلَمون لمأساة وطن واحد هو وطنهم جميعًا و أنّهم ليسوا أعداءً متناحرين و أنّ وحدتهم واجبة حين يشعرون بالخطر الدّاهِم.و قد أثبتت هذه المشاهد الكبرى في الحراك كَذب و ادّعاءات النّظام القائم الذي سَعى،منذ الاستقلال، إلى زَرع بذور التّفرقة و الفتنة بين الجزائريّين و تصنيفهم إلى طوائف و جهات: عربيّ و أمازيغيّ و شاويّ و علمانيّ و إسلاميّ و فرانكفونيّ و وطنيّ...و قد كانت غاية هذا الكَيد هي تحقيق السّيطرة و التّحكم تبعًا للقاعدة المشهورة: فرّقْ تَسُدْ.و لكنّ الجزائريّين أثبتوا،من خلال هذا الحراك و من خلال تلاحُمهم و امتزاجهم، أنهم أكْبر من هذه التّفرقة و أنهم قادرون على العَيش معًا و التّفكير معًا في مستقبل هذا الوطن و أنهم ليسوا أعداءً و ليسوا طوائف متناحرين.
3- ميزة أخرى،في هذه الاحتجاجات الشّعبية، هي مشاركة المرأة بشكل فعّال.و إنّ هذا الحضور النّسوي الواسع لهو سلوك نوعيّ و إعلان بأنها ليست ناقصة وَعي أو ناقصة تأثير.و إنّ مشاركة النّساء من مختلف الأعمار، في هذا الاحتجاجات، مع الأطفال و الرّضع أحيانًا لدليل قاطع أنّ هناك تحوّلاً كبيرًا قد حدث في جزائر الألفيّة الثّالثة و أنّ هناك وَعيًا جديدًا يُولد أُريد له أنْ يبقَى مدفونًا.و كأنّ هؤلاء النّسوة بهذه المشاركات الواسعة و بهذا السّلوك النّوعي يؤكّدْن أنّ مستقبل الجزائر لن يُبنَى في غَيبتهنّ.
4- و لم يَفُت هذه الاحتجاجات الشّعبيّة،كذلك، أنْ تكشف هشاشة هذا النّظام المُهترئ الذي يعيش في الماضي بعدما انتهت صلاحيّته و استنفد أغراضه و لم يَعُد نظامًا صالحًا لقيادة الجزائر و مواكبة مستويات الوعي المتقدّمة التي يتمتّع بها قطاعات واسعة من أجيال الاستقلال.و كذلك كشفت هذه الاحتجاجات الشّعبيّة أنّ هذا النّظام مُصاب بجنون العظمة و لم يتخلَّ عن نَرجسيَّته و هو يخاف من الحوار و يخاف من الاستماع إلى الرّأي الآخر بل يخاف من الاعتراف بوجود  الكلمة الأخرى لأنه نظام لا يَشعر بقوَّته و لا يَجد نَشوته و لا يَسْتمتع بوجوده إلاّ حين يحاور نفسه و يكون مُستمعًا لنفسه.
5- و قد استطاعت هذه الاحتجاجات الشّعبية،أيضًا، أنْ تُخرج إلى العَلن شخصيّات متميّزة و تُبرز طاقات و مواهب ما كان مسموحًا لها أنْ تظهر،من قبلُ، بسبب سياسات التّعتيم المُمَنهج و عمليّات الإقصاء و التّهميش المنظّم التي جعلت الرّداءة،و الرّداءة وحدها، هي القيمة الوحيدة التي تَحظَى بالقبول و الانتشار وتفوز بالإشادة و التّكريم.و بسبب هذا الحراك بدأ الجزائريّون يكتشفون أنفسهم و يكتشفون بعضهم بعضًا و يطّلعون على الأفكار المختلفة و المواقف المتباينة و كأنهم كانوا يعيشون،من قبلُ، في جزر نائيّة أو في حَبس شديد.
و هذه الطّاقات و المواهب المختلفة التي أثْمرت في هذا الرّبيع الجزائريّ مُنتَظر منها أنْ تُثبت كفاءتها فتكون هي القيادات المُعوَّل عليها لانتشال الجزائر من وَهْدتها و إخراجها من غَيْبوبتها التي تسبَّب فيها هذا النّظام الذي أهانها و ما أكرمها.
6- و السّلمية التي جاد بها الحراك و وُلدت في رَحِمه منذ 22/02/2019 هي إضافة نوعيّة لبناء الجزائر الجديدة.و هذه السّلمية هي الوجه النّاصع للجزائر في مقابل العنف الذي هو طبيعة هذا النّظام منذ الاستقلال.و قد تضاعف هذا العنف و اتّخذ أشكالاً همجيّة مختلفة في فترة تسعينيّات القرن الماضي فخلّف قوافل من الضّحايا و الثّكالى و المفقودين.إنّ هذه السّلمية التي وُلدت في رَحم الحراك هي الوجه الواعد للجزائر و هي مستقبل الجزائر.
 7- و كذلك أثبت الحراك أنّ حبّ الجزائر و مصلحتها العُليا هي العاطفة القويّة و هي الإسمنت المسلَّح الذي يشدّ أعضاءه بعضهم إلى بعض.و التّعويل على هذه العاطفة القويّة التي تَسكن قلوب الجزائريِّين و الجزائريّات و تنميتها و الاستثمار فيها هو الوقود الذي يحرّك كلّ الطّاقات و يُفجّر كلّ المواهب و يُعيد إلى الجزائر هَيْبتها و مكانتها التي تَليق بها بين الدّول.  

اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/