الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

حكومة القتلة


حكومة القتلة التي صنعها العسكر الانقلابيّون في مصر،بعد انقلاب 3 يوليو، قد أنجزت برنامجها في أقلّ من مائة يوم.و حصيلة هذا البرنامج الذي أنجزته هذه الحكومة القاتلة بنجاح هو أكثر من ألف قتيل و آلاف الجرحى و المعطوبين و ذوي الإصابات و الأضرار الجسيمة.
و إذا أُضيف إلى مذبحة فضّ الاعتصام في رابعة العدويّة و النّهضة التي ارتكبها الانقلابيّون،يوم الأربعاء 14 أغسطس، في رابعة النّهار أمام الملأ و التقطتها أجهزة التّصوير و الشّاشات المختلفة - إذا أُضيف إلى هاتين المذبحتين أعداد القتلى و الجرحى الذين حصدهم حقد الانقلابيّين و رصاصهم في جمعة الغضب،يوم الجمعة 16 أغسطس، فإنّ هذه الحصيلة الدّموية مرشّحة للتّضخم و الارتفاع لأنّ هذه الأرقام ليست نهائيّة و عمليّات التّوثيق في المدن و المحافظات لم تكتمل.

إنّ هذا البرنامج الدّمويّ الذي أنجزته حكومة الانقلابيّين القاتلة سيكون اللّعنة التي تطارد الانقلابيّين القتلة و حكومتهم الدّموية و أنصاف المثقّفين و أشباه الرجال و الرّموز الدّينية الباهتة و السّياسيّين الانتهازيّين و الإعلاميّين المزوّرين و أدعياء الإنسانية و الحرّية الذين حرّضوا على هذه الإبادة الجماعيّة و شاركوا فيها و أثنَوا على مرتكبيها و صفّقوا لها متلذّذين بمشاهد الدّماء و الأشلاء و الدّموع و الأحزان و الصّراخ و البكاء و القتل المنظّم و الجثث المفحّمة...     
و حين يبلغ الجنون بالانقلابيّين و حكومتهم مبلغه و يفقدون البصيرة و الإبصار فإنهم لا يَكتفون بممارسة التّنكيل الوحشيّ و الهمجيّة ضدّ الأحياء أطفالاً و نساءً و شيوخًا بل تمتدّ وحشيّتهم و همجيّتهم إلى الأموات أيضًا نكاية فيهم و في ذويهم فيتركون مئات الجثث تتعفّن و تتحلّل رافضين تسليمها إلى أهاليهم إلاّ بشرط إقرارهم،في شهادات الوفاة، أنّ سبب الوفاة هو الموت الطّبيعي أو الانتحار !

هذه هي حصيلة الانقلاب العسكريّ الذي حوّل مصر إلى ساحات كبرى و ميادين واسعة تُعرض فيها مشاهد الدّماء و الأشلاء و الدّموع و الأحزان و الصّراخ و البكاء و القتل و إهانة الموتى و الجثث المفحّمة   و الفوضى و الخراب...
إنّنا نتابع هذه المشاهد الأليمة و الصّور الكالحة و لا نكاد نصدّق ما يجري.إنّ الواقع أكبر من الخيال: أتحصل هذه الهمجيّة في أوطاننا ؟ أيُقتل شعب كلّه بين أظهرنا ؟ أَرَخيصة هي،إلى هذا الحدّ، دماؤنا ؟ كيف حدث هذا ؟ و لماذا حدث ؟
 ثمّ...أين هي مواقف الدّول العربية و أين هو الضّمير العالميّ و أين هي الأصوات الحرّة ؟ ما هذا السّكوت المطبق و هذا التّواطؤ الصّامت و هذه اللاّمبالاة الغريبة و هذا العجز المكبِّل و هذا الاهتمام الفاتر و هذه العواطف الباردة و هذه الاستقالة و الانصراف و هذا الخوف و الجبن و الخضوع و الخنوع و التّسويف و الاستسلام و الذّلة و الهوان و التّلاشي و الاضمحلال...
من المسؤول عن هذه المجازر الكبرى و المقاتل الرّهيبة و المشاهد البشعة و الأوضاع القاتمة و الصّور الكالحة و حمّامات الدّم و جنون القتل و هيستريا الانتقام...؟
من قتلنا أحياءً بعد أنْ قتل فينا إنسانيّتنا ؟ و من أهاننا بعد أنْ أماتنا ؟ و من صيّرنا جميعًا أعداءً لأنفسنا ؟ و من قتل الحُلم فينا و طارد البسمة و صادر الأمل و سلبنا حبّ الحياة ؟
إنه هو هو.إنه هو وحده المسؤول عن هذه الجرائم الكبرى و الدّمار و الحطام و الدّماء و الأشلاء و الدّموع و الأحزان و الصّراخ و البكاء و الفوضى و الخراب...
إنه هو هو نعرفه و لا نخطئه.لا يتخفَّى و لا يتقنّع.إنه الاستبداد الذي ينبت في الأرض العربية كما تنبت الطّحالب النّتنة و الأشواك القاتلة و الفطريّات السّامة.
إنه الاستبداد الذي لا يكتفي بقتل النّاس و استئصالهم فيقتلهم مرّة أخرى،حين يريد، شرّ قتلة بالقصف     و النّسف و الاعتداء و العنف و بكلّ أنواع الإبادة و فنون الحقد و صور التّدمير و آلات الموت.
فلْتُستأصلْ استئصالاً أورام الاستبداد الخبيثة التي دمّرت جسم العالم العربي و أعطبت مناعته فشلّت حركته و قتلت حيويّته و حبست نموّه و تطوّره.و لْتُطهَّر الأرض العربية من الاستبداد و من كلّ خَبثه و دنسه و من كلّ رموزه الرّخيصة و أزيائه الماكرة و وسائله الخادعة و ألوانه القاتمة و مصطلحاته العاهرة و من كلّ ريحه و طعمه وآثاره و عقابيله.


الخميس، 8 أغسطس 2013

عـيد..


...و دخل علينا تَسبقه بَسْمتُه الخفيفة يمشي وئيدًا و تكسو المهابة مُحيّاه.ألقى بجسده المتعب على كرسيّه الخشبيّ و كَسَت وجهَه ذا التّجاعيد سُحنته المعهودة.تفحّص الحاضرين طويلاً و مسح المكان بعينيه الغائرَتين كأنّما يبحث عن غائب أو يتطلّع إلى قدوم مسبوق.ثم صمت صُماتًا و الْتفت إلى مَن حوله مردِّدًا بيت المتنبّي في هدوء و خشوع :
                            عيدٌ بأيّة حال عُدت يا عيدُ...بما مضى أم بأمر فيك تجديد

و كان هذا البيت مدخلَه الذي أحْياه و أيقظه و مبدأه الذي فتح شهيّته :
عيد يجيء و عيد مضى.
و عيد اليوم شبيه بعِيد قضَى
يجيء العيد و ما جفّت مآقينا
و هذي الآلام تَلبِسنا و الأحزان ما بَرِحت،يومًا، نَوادينا
فلطسين ثَكلى و العراق تندُبنا
و الشّام تنزف و أوطان أخرى تنادينا
فكيف العيد ؟ و هل يجوز العيد في نَوادينا ؟

كلّ اللّصوص و الأشرار في الأرض علينا تجمهروا
و إخوانهم في الغيّ و الصّعاليك و بنو صهيون تعسكروا
إلاّ بني قومي فهم أعداء أنفسهم طوائف شتّى و أحزاب و زُمَر
حقد يَطحنهم و خُلف و بأس و ألوان من الظّلم أُخَرُ
فكيف العيد ؟ و هل يجوز العيد في صَفَرُ ؟
......
و مضى الشيخ الجليل يَسرد الوقائع و الأحداث و يُلقي بالأمثلة و الكلمات ممزوجةً بالألم و المعاناة يَصهر بها الحاضرين صَهرًا و يَعصرهم عَصرًا فتراهم مِن شدّة الموقف يتململون و لحرّ الخطاب يستجيبون و هم في كلّ الأحوال إليه منجذبون...
و لكن وجدتُني أردّد لحنًا آخر جميلاً شعرت به بين جوانحي يُطربني و تهتزّ له روحي و يُسعدني:
نعم فلنفرح بالعيد و هذا العيد و كلّ عيد
فالعيد هو عدّتنا.و العيد هو قوّتنا.و العيد هو عودة وحدتنا
العيد مضاء عزائمنا و العيد جلاء مآسينا
العيد هو انتصار على غفلتنا.العيد هو إخراج مِن وَهدتنا
و العيد هو حياة أخرى بعد موتتنا
فَلنفرحْ بالعيد و لْنكبّرْ تكبيرة مَن وَقَفوا،يومًا، هاتفين في بدر و على أُحُدٍ:
الله مولانا و لا مولى لكم...الله مولانا و لا مولى لكم







اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/