حكومة القتلة التي صنعها العسكر الانقلابيّون في مصر،بعد انقلاب 3 يوليو، قد أنجزت برنامجها في أقلّ من مائة يوم.و حصيلة هذا البرنامج الذي أنجزته هذه الحكومة القاتلة بنجاح هو أكثر من ألف قتيل و آلاف الجرحى و المعطوبين و ذوي الإصابات و الأضرار الجسيمة.
و
إذا أُضيف إلى مذبحة فضّ الاعتصام في رابعة العدويّة و النّهضة التي ارتكبها
الانقلابيّون،يوم الأربعاء 14 أغسطس، في
رابعة النّهار أمام الملأ و التقطتها أجهزة التّصوير و الشّاشات المختلفة -
إذا أُضيف إلى هاتين المذبحتين أعداد القتلى و الجرحى الذين حصدهم حقد
الانقلابيّين و رصاصهم في جمعة الغضب،يوم الجمعة 16
أغسطس، فإنّ هذه الحصيلة الدّموية مرشّحة للتّضخم و الارتفاع لأنّ هذه الأرقام
ليست نهائيّة و عمليّات التّوثيق في المدن و المحافظات لم تكتمل.
إنّ
هذا البرنامج الدّمويّ الذي أنجزته حكومة الانقلابيّين القاتلة سيكون اللّعنة التي
تطارد الانقلابيّين القتلة و حكومتهم الدّموية و أنصاف المثقّفين و أشباه الرجال و الرّموز
الدّينية الباهتة و السّياسيّين الانتهازيّين و الإعلاميّين المزوّرين و أدعياء
الإنسانية و الحرّية الذين حرّضوا على هذه الإبادة الجماعيّة و شاركوا فيها و
أثنَوا على مرتكبيها و صفّقوا لها متلذّذين بمشاهد الدّماء و الأشلاء و الدّموع و
الأحزان و الصّراخ و البكاء و القتل المنظّم و الجثث المفحّمة...
و حين
يبلغ الجنون بالانقلابيّين و حكومتهم مبلغه و يفقدون البصيرة و الإبصار فإنهم لا يَكتفون
بممارسة التّنكيل الوحشيّ و الهمجيّة ضدّ الأحياء أطفالاً و نساءً و شيوخًا بل
تمتدّ وحشيّتهم و همجيّتهم إلى الأموات أيضًا نكاية فيهم و في ذويهم فيتركون مئات
الجثث تتعفّن و تتحلّل رافضين تسليمها إلى أهاليهم إلاّ بشرط إقرارهم،في شهادات
الوفاة، أنّ سبب الوفاة هو الموت الطّبيعي أو الانتحار !
هذه هي حصيلة الانقلاب العسكريّ الذي حوّل مصر إلى
ساحات كبرى و ميادين واسعة تُعرض فيها مشاهد الدّماء و الأشلاء و الدّموع و
الأحزان و الصّراخ و البكاء و القتل و إهانة الموتى و الجثث المفحّمة و الفوضى و الخراب...
إنّنا نتابع هذه المشاهد الأليمة و الصّور الكالحة
و لا نكاد نصدّق ما يجري.إنّ الواقع أكبر من الخيال: أتحصل هذه الهمجيّة في
أوطاننا ؟ أيُقتل شعب كلّه بين أظهرنا ؟ أَرَخيصة هي،إلى هذا الحدّ، دماؤنا ؟ كيف حدث هذا ؟
و لماذا حدث ؟
ثمّ...أين
هي مواقف الدّول العربية و أين هو الضّمير العالميّ و أين هي الأصوات الحرّة ؟ ما
هذا السّكوت المطبق و هذا التّواطؤ الصّامت و هذه اللاّمبالاة الغريبة و هذا العجز المكبِّل و
هذا الاهتمام الفاتر و هذه العواطف الباردة و هذه الاستقالة و الانصراف و
هذا الخوف و الجبن و الخضوع و الخنوع و التّسويف و الاستسلام و الذّلة و الهوان و التّلاشي و الاضمحلال...
من المسؤول عن هذه المجازر الكبرى و المقاتل الرّهيبة
و المشاهد
البشعة و الأوضاع
القاتمة و الصّور الكالحة و حمّامات الدّم و جنون القتل و
هيستريا الانتقام...؟
من قتلنا أحياءً بعد أنْ قتل فينا إنسانيّتنا ؟ و
من أهاننا بعد أنْ أماتنا ؟ و من صيّرنا جميعًا أعداءً لأنفسنا ؟ و من قتل الحُلم فينا و طارد
البسمة و صادر الأمل و سلبنا حبّ الحياة ؟
إنه هو هو.إنه هو وحده المسؤول عن هذه الجرائم
الكبرى و الدّمار و الحطام و الدّماء و الأشلاء و الدّموع و الأحزان و الصّراخ و
البكاء و الفوضى و الخراب...
إنه هو هو نعرفه و لا نخطئه.لا يتخفَّى و لا يتقنّع.إنه
الاستبداد الذي ينبت في الأرض العربية كما تنبت الطّحالب النّتنة و
الأشواك القاتلة و الفطريّات السّامة.
إنه الاستبداد الذي لا يكتفي بقتل النّاس و استئصالهم
فيقتلهم مرّة أخرى،حين يريد، شرّ قتلة بالقصف و النّسف و الاعتداء و العنف و بكلّ
أنواع الإبادة و فنون الحقد و صور التّدمير و آلات الموت.
فلْتُستأصلْ استئصالاً أورام الاستبداد الخبيثة التي
دمّرت جسم العالم العربي و أعطبت مناعته فشلّت حركته و قتلت حيويّته و
حبست نموّه و تطوّره.و لْتُطهَّر الأرض العربية من الاستبداد و من كلّ خَبثه و
دنسه و من كلّ رموزه الرّخيصة و أزيائه الماكرة و وسائله الخادعة و ألوانه القاتمة
و مصطلحاته العاهرة و من كلّ ريحه و
طعمه وآثاره و عقابيله.