إنّ عظمة نوفمبر في ماهيَّته: إنّه
الثورة و الانتفاضة و التّمرد.و هو الدَّويُّ و الصَّرخة و الانفجار.إنّه الإرادة
و الإباء و العِناد.و هو الصَّيْحة و الهَبّة و الغَلَيان.إنّ نوفمبر هو الغَضبة
الكبرى التي عَصَفت بالظّلم و الظّالمين بعد 132 سنة من الحقد الفرنسيّ المدمِّر و
الهَمَجيّة الفرنسية الوَحشيّة و الإبادة الجماعيّة و القتل المنظَّم و الدّماء و
الأشلاء و الدّموع و الأحزان و سياسات القَهر و الإذلال و التّعذيب و التّنكيل و
النّفي و الاستئصال و الطَّمْس و التّجهيل...
إنّ نوفمبر تَضيق به الكُتبُ و
الصّحائف و المُدوَّنات فكيف تَسَعُه الدِّيباجة المُتهافتة و الجُملةُ النّاقصة و
الإشارة الباهتة و اللَّفْتة المَشكُوكة و النِّية المُبيَّتة و الإيحاء المُتَّهم
؟ و إنّ كلّ محاولة لتَحْنِيطه أو مصادرته هي محاولة فاشلة لأنّ نوفمبر،بطبيعته، يتجدَّد
و لا يتبدَّد مقاومًا للموت مُتأبِّيًا على التّحول و الانتقال كطائر الفَينَق
الذي يُبْعَث من فَنائه و رَماده.
إنّ نوفمبر هو الأمل و هو
الحرّية و هو الانطلاقة و الاتِّجاه.و قد عَلَّمنا نوفمبر،و لا يزال، أنّ الجزائر
ليس لها إلاّ حليفان: إيمانُها الكبير الذي يُحرِّك الجبال و شَعبُها العظيم الذي
يأبَى الخضوع و الاستسلام.و هذا المعنى الخَفِيُّ الجَلِيّ
هو الذي تُوحي به كلمات الإلياذة الخالدة:
و لولا العَقيدةُ تَغمُر قَلبي *****
ما كُنتُ آمَنتُ إلاّ بشَعْبي