توفّي يوم الخميس 17 جوان الأستاذ دخير قدّور و مهنته الأولى هي التّعليم و
لكنّه اشتُهر أكثر بإمامته للنّاس في الجمعة في مسجد الحَسَنَين بحيّ الشّهداء ( كاسطور ) و في مسجد الفتح الجديد في الحيّ
نفسه،في وهران، سنين طويلة.
و الذي أحبّ الإشارة إليه،في هذا المقام، أنّ الأستاذ دخّير قدّور كان الخطيب
المفضَّل عند جموع كبيرة من النّاس،من سكّان الحيّ و من خارجه، كانت تقصد مسجد
الحَسَنَين،يوم الجمعة، و تتسابق للاستماع إليه و الانتفاع بخطبه الرّاقية و
مواضيعه الآنيّة و أحاديثه الشّافية الكافية و تحليلاته العميقة للظّواهر و
الأحداث...
لقد كان رجلاً ذا هَيبة و وَقار معروفًا بأناقته و جميل هندامه معلومًا
ببَيانه و فصاحته أُوتِيَ القدرة على تبليغ المعنى الدّقيق و إيضاح الفكرة الغامضة
و مخاطبة العقل و الوجدان معًا في سهولة و يُسر.لقد كانت الجمعة،في مَعيّته ،يومًا
مشهودًا حقًّا ننتظره و نترقَّبه و نتطلّع إليه و نستعجله لأنّه موعد فيه نَشْبَع
و نَمْتَع و نرتوي و نَنْتفع و تكْبُر اهتماماتُنا فتَكْبُر نفوسُنا حين يحدّثنا
عن الإيمان العميق و الفهم الدّقيق و الفكر السّديد و المنهج الصَّواب و االسّلوك
الرّاقي بلغته الجميلة و أسلوبه الجذّاب و حركاته المعبِّرة.
و إنّ اكبر شيء تَشبَّعْنا به،في خُطبه و في صُحبته، أنّ النّقد من صميم الدّين و أنْ لا أحَدَ فوق النّقد و أنّ فكرة اعْتقدْ و لا تَنتَقدْ قد ولَّى زمانُها
و أنّ الدّين و الغباوة لا يجتمعان.
لقد كان أستاذًا لنا،نحن أبناءَ الحيّ،و للكثير من الأباعد غيرنا دون أنْ نجلس
إليه أو أنْ نتتلمذ على يَدَيه و غرس فينا فهمًا للدّين و قيمه و فهمًا للعبادة و
أبعادها لا زال،إلى اليوم، يُصاحبُنا و يَحْرسُنا و يَحْمينا.
رحمك الله،أستاذنا دخّير قدّور، رحمة واسعة و تقبّلك في الصّالحين.