فرنسا التي دمّرت القصبة سنة 1830 و ما فَتِئت تدمّرها طيلة 132 سنة من
الاحتلال الهمجيّ للجزائر تتولَّى ترميم القصبة ضمن اتّفاقية ثلاثية بين ولاية
الجزائر و منطقة إيل دو فرانس Ile de france و المهندس المعماري الفرنسيّ Jean nouvel.و قد بلغت كُلفة هذا التّرميم 26 ألف مليار سنتيم !
ترميم القصبة أو إحياؤها كما تقول الاتفاقية- و كأنّ القصبة كانت ميّتة و
سكّانها ميّتون - سيكون هدفه الأوّل هو تشويهها و مَحو كلّ آثارها التّاريخيّة
المتعلّقة بالاستعمار الفرنسي الهمجيّ و طَمس كلّ المعالم الدّالة على وحشيّة
المحتلّين الفرنسيّين و همجيّتهم.
القصبة المتمرّدة التي اسْتعصت على المظلّيّين الفرنسيّين و قاومت السّفاحين
الفرنسيّين يُراد لها،اليوم، أنْ تموت مرّة أخرى على أيدي زبانيّة الأمس و قتلة
الأمس الذين قتّلوا سكّانها تقتيلاً و دمّروا كلّ عمود فيها و بُنيان...
ما الذي كان يمكن أنْ تقوله حسيبة بن بوعلي و محمود بوحاميدي و علي عمّار
المعروف بعلي لابوانت و عمر الصغير أبطال معركة الجزائر و بقايا المقاومة المسلّحة
في الجزائر العاصمة الذين لَقُوا حَتفهم ليلة 8 أكتوبر 1957،في القصبة، حين فجّر
المظلّيون الفرنسيّون المنزل الذي لجأوا إليه ؟ و ما الذي يمكن أن يقوله كلّ
الأحياء و الأموات الذين ذاقوا الوَيل و النّار و العذاب و التّنكيل و الدّموع و
الأحزان و القهر و الإذلال... حين كانت الوحشيّة الفرنسيّة و البربريّة الفرنسيّة
تتطاول في البنيان و تَعيث في القصبة فسادًا و تزرع في أزقّتها الموت و الدّمار ؟
إنّ القصبة قبل أن تنتمي إلى التّراث العالميّ و تتدخّل فرنسا أو اليونسكو في
ترميمها أو إحيائها،كما يقولون، هي مِلكيّة سكّانها الأشاوس المقاومين و ملكيّة
كلّ الجزائريّين الذين قاوموا همجيّة الاستعمار الفرنسيّ طيلة 132 سنة. فكيف تجيء
فرنسا،اليوم، لتستكمل حقدها القديم و إرادتها القديمة في الانتقام من القصبة
المتمرّدة و تشويه صورتها النّابضة بالحياة و طمس معالم المقاومة فيها و آثار
الإباء ؟ فما الذي يحصل في جزائر الشّهداء ؟ و ما الذي أصابها و دهاها ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق