السبت، 6 فبراير 2021

لا بأسَ طَهور إنْ شاء الله

 

البَأسُ له معان عدّة منها الخوف و الشّدة و العذاب...أمّا طَهور فمن الطّهارة و الطُّهر.و يُقال: ماء طَهور أيْ طاهر مطهِّر.و الماء الطَّهور هو الذي يرفع الحدث و يُزيل النّجَس و الدّنس لأنه فَعول من أبنية المبالغة فكأنّه تناهَى في الطّهارة.و كما أنّ النّجَس و الدّنس يَعيب الثّياب،و البدن أيضًا، و يَشينه فيُفقده جماله و جِدّته و جاذبيَّته فكذلك يَصنع المرض بالجسد و صاحبِه حين يُعوِّقه،قليلا أو كثيرًا، فَيَشينُه فيُخرجه عن طبيعته الأولى فيَسلُبه من نضارة الوجه و عافية البَدن و يُفقده من جمال الحركة و اتّزان الخطوة و جاذبيّة القَوام و سرعة الاستجابة...

و قد تضمّن هذا الحديث،و الله أعلم، مجموعة أمور يَحسُن الوقوف عندها لأهمّيتها و دلالتها العميقة.

أمّا الأمر الأوّل فهو دعاء،و إيعاز، بنَفي البأس،كالخوف مثلاً، عن المريض لأن الطّب الحديث أثبت أنّ الخَوف و القلق يؤثّران على المناعة فيُضْعفانِها،أو يَشُلاّنها، و يقلّلان من درجة مقاومتها للعلل و الأدواء.و لهذا السّبب يُوصي الأطبّاء،في المقام الأوّل، بتقوية المناعة النّفسية،و المناعة الطّبيعية أيضًا، لَدى المرضَى و الأصحّاء و رفع مستوى دفاعات الجسم الطّبيعية ليكون قادرًا على مواجهة كلّ الطّوارئ و المستجدّات.

 الأمر الثّاني: دعاء بأنْ يكون هذا المرض مطهِّرًا له من الذّنوب و المعاصي و مطهِّرًا للجسد،أيضًا، من كلّ خَلَله و أعطابه لأنّ ظاهرة المداواة بالعلل و الأمراض أو ما يسبّب العلل و الأمراض كالفيروسات ظاهرة علميّة صحيحة و اكتشاف طبّي حديث.و لقاح سبوتنيك Sputnik V ضدّ الكوفيد-19،الذي بدأ استعماله في الجزائر و في دول مختلفة، يعتمد على عائلة الفيروسات Les Adénovirus لتنشيط نظام المناعة لَدى المصابين و تحفيزه لإنتاج الأجسام المضادّة.            

 و الأمر الآخر الذي يَجيء ثالثًا و هو أوَّلُ أنّ تحقّق هذا الدّعاء و زوال المرض و شفاء صاحبه كلّ أولئك إنّما هو مشيئة الله وحده و إرادته لا غيرَ.

 فاجتمع في هذا الحديث،إذنْ، أمور ثلاثة و هي دعاء بزوال الخوف و القَلق  عن المريض و يَليه دعاء له و تفاؤل بالشّفاء و يَعقُبه استحضارٌ لإرادة الله القاهرة و قدرته المعجزة في مداواة العلل و مواساة الجراح و استئصال العقابيل.

و هذه المعاني هي التي تَليق بهذا الموقف و تُلابسه لأنها تؤكّد على أهمّية المناعة النّفسية و المناعة الطّبيعية حين تربط المريض،في أحواله كلّها، بالله و قدرته المعجزة في المداواة و الشّفاء فتُطلق روحه من عِقالها و تَهَبه أملاً كبيرًا دافعًا و تستفزّ طاقاته و تُنعِش خلاياه فتهيِّئها جميعًا للمقاومة و الدّفاع.


اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/