الحراك مهدَّد بطغيان الإيديولوجيّات التي بدأت
تَسْتَعلن و تَطْفو فوق السّطح هنا و هناك.و المتابع لمسيرات الحراك يلاحظ وجود
عناصر و لافتات و شعارات تحاول إشعال فتيل التّناحر السّياسي و إدخال الحراكيِّين في
نفق الإيديولوجيّات المُظلم.و إذا كان من
واجب الحراك أنْ يكون متنوِّعًا لأنّ قوّته في تنوّعه فليس من مصلحته البتَّة،و ليس
ضمانًا لمستقبله و نتائجه، أنْ يكون مُؤَدْلَجًا Idéologisé.
إنّ الحراك،كما أعلن عن نفسه منذ بدايته، هو فوق الإيديولوجيّات و
هو إرادة شعب يستهدف بناء دولة العدل و القانون و إنقاذ الوطن من حَمْأة الرّداءة
و الفشل التي يتمرّغ فيها و كلّ محاولة لأدْلَجَة هذا الحراك هي إِيذانٌ بفشله و
نهايته.
إنّ إحدى نقاط الضّعف في الحراك قد تكون إيديولوجيّاتُه.و
لكنّ هذا الحراك حين يتجاوز إيديولوجيّاتِه،فيُعلِّقها أو يُؤجّلها، فإنّه يكون،حينئذٍ،
قد تجاوز ضعفه الذي يحاول النّظام الاستثمار فيه و يكون قد اكتسب،في الوقت نفسه،
مناعةً و قوّة و نضجًا.
التّحدي الحقيقيّ خلاصتُه في هذا السّؤال: هل يستطيع الحراك
أن يكون فوق إيديولوجيّاته فيصبح ذا مَناعة قويّة و نضج يُؤهّله للقيام بدوره
التّاريخي أم يستسلم لشَبَح الإيديولوجيّات و حينئذٍ يبدأ مسلسلُ الحراك الذي
تأكله إيديولوجيّاتُه...؟