السبت، 17 يوليو 2021

الحرّية و العبوديّة

 

النّاس أمام الحرّية و العبوديّة صنفان:

صنفٌ أصيلٌ فيه لحنُ الحرّية و عميقٌ في رُوحه نداءُ التّمرد و الانطلاق.و كلّما طال زمنُ حَبْسه و امتدّ أوانُ عبوديّته تعاظم حَنينُه إلى حرّيته و تضاعف شَوقُه إلى الفضاء الواسع و الانطلاق فقام كالمارد متمرِّدًا على وَضعه يَكسر قيوده و الأغلال.

و صنفٌ آخر كلّما تطاول زمنُ حَبْسه و امتدّت فتراتُ عبوديّته اسْتَمرأ وَضْعَه و استَأنس بقيوده و اسْتَعذب عبوديّته و لم يَعُد يرَى وُجودًا مُمتعًا خارج الحَبس و القيود أو شعورًا مُشْبعًا بعيدًا عن الذّلة و التّبعية و الأوهاق.

هذه المعاني نفسُها نجد لها أشباهًا و نظائر في عالم الطَّير و الحيوان: هذا النَّسر ظلّ،منذ ولادته، مسجونًا في قَفَصه مَحبوسًا عند البشر.انظُر إليه و هو يحاول،اليوم، الطَّيران...يحرّك جَناحَيه...يلتفت يمينًا و شمالاً و يلتفت وراءه،أيضًا، كأنّه يَحِنّ إلى قَفَصه و يبحث عن سجنه و ماضيه...ثمّ يلتفت إلى هذا الفضاء الكبير المفتوح أمامه    و الذي لم يُخالطْه،من قبلُ، و لم يُلابسْه..و لكنّ هذا الفضاء الكبير المفتوح أمامه يُغريه و كأنّه يُناجيه و يُناديه...يقف النَّسر محاولاً و محاولاً لا يَيأس و لا يتراجع... مُتحسِّسًا  و متوجِّسًا...متردِّدًا...متحيِّرًا...

لحظاتٌ قويّة دامت أكثر من 04 دقائق لا يعلم إلاّ الله ما يشعر به و هو يتأمّل ما حوله و كأنّه يوازن و يُقارن بين ما كان فيه و ما هو مُقدمٌ عليه...و حين تستيقظ فيه طبيعتُه   و تَغلبُه حرّيتُه يطير فلا يَلْوي على شيء و غيرَ خائف من شيء لأنّ الطّيران و الارتفاع مَكِينٌ فيه و أصيلٌ أصيلٌ...     


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/