هل يَفقد عيد الفطر،هذا العام، قيمتَه و لذّته و آثاره ؟ و هل يكون عيد،هذا العام، عيدًا « حزينًا » ؟
نعم.إنّ العيد بمعناه الكامل
المتعارَف عليه في الإسلام و المتعارَف عليه عند النّاس لم تتحقّق كلُّ أوصافه و
لم تتهيَّأ كلّ ملابساته في عيد فاتح شوّال 1441 الموافق ل: 24 ماي 2020.و لكنّ
هذا العيد ليس عيدًا حزينًا بل هو عيد مميَّز بسبب الوباء و مخلَّفاته.و هو لم
يَفقد قيمته و آثاره لأنّ قيمته و آثاره لا علاقة لها بالأسباب الخارجيّة.
إنّ لعيد الفطر قيمتَه
الجَوّانية التي تُصاحبه و آثارَه المختلفة اللّصيقة به التي يكتسبها من امتحان
الصّوم و الالتزام بآدابه،أيّام رمضان، و من ناشئة العَشر الأواخر المشهودة في
الأرض و السّماء و من مجموع العبادات و الصّدقات،في هذه الأيّام، و من طبيعة
الهواجس و المقاصد و النّيات التي تسكن قلب المؤمن و من عموم علاقته بربّه و
مراقبته له في هذا الشّهر العظيم.
إنّ العيد جائزة و الجائزة
تَعقُب الامتحان و الامتحان هو رمضان.و لا تَفقد هذه الجائزة قيمتها و آثارها و
حلاوتها بسبب ظروف طارئة و ملابسات.
إنّ عيد الفطر هذا العام
شَببه،مع الفارق، بعبادات أخرى يمارسها المؤمنون في أوضاع غير طبيعيّة و ظروف.إنّ
الصّلاة،و هي عمود الإسلام، قد يؤدّيها المؤمن،عند الضّرورة، بغير وضوء و قد
يصلِّيها قاعدًا أو مُستلقيًا أو بالإيماء.و هذه الصّلاة نفسها في زمن الخوف و
الشّدة و الحرب تُؤدَّى بشكل آخر مختلف.
فهل تَفقد هذه الصّلاة الواجبة
بسبب هذه الظّروف المختلفة قيمتها و آثارها.إنّ الذي يبدو لي أنّ قيمة هذا العيد و
آثاره و كذلك قيمة كلّ العبادات و آثارها لا علاقة لها،في المقام الأوّل، بالأسباب
الخارجيّة و الملابسات.و لستُ أستبعد إضافات المُحيط العامّ و البيئة الخارجيّة و
الملابسات،أو أَنْفيها، في تحقيق الشّعور القويّ بالعبادة و رسم جمالها و
جاذبيّتها و لكنّ الذي أُشير إليه أنّ كلّ ما يتحقّق من العبادات المختلفة إنّما
هو مسألة باطنيّة مَهْدها الأوّل و مبدؤها ثمّ مَشْهدُها أعماقُ النّفس و أحوالُها
و ليس الحياة العامّة و ملابساتها.
إنّ الذي يستفيده المؤمن و
يتعلّمه من عيد الفطر 1441- 2020 هو أنّ إرادة الله غالبة في الإنسان و الأكوان في
كلّ حال و وقت و آن: في الصّحة و المرض و في العطاء و المَنع و في البَسط و القَبض
و الوُجْد و الفَقد...و أنّ من مقتضيات الإيمان أنْ يتأقلم العبد المؤمن مع مجموع
هذه الأوضاع و أنْ يُساير،في أحواله كلّها، إرادة الله القاهرة.