الأحد، 25 أبريل 2021

برنامج الحراك

 

ليس في برنامج الحراك الذي بدأ في 02 فبراير 2019 أنْ يدخل في صراع مع الجيش أو مع الأجهزة الأمنيّة.و ليس في برنامج الحراك،أيضًا، إسقاط الدّولة الجزائريّة البَتَّةَ و إنّما هدفه هو تغيير هذا النّظام البشع الذي قاد البلاد إلى الإفلاس و الخراب و لم يَعُد يملك أسباب وجوده بعدما انتهت  صلاحيّته.هذا هو هدف الحراك و هذا هو برنامجه الكبير.

فَلْيَعرفْ كلّ جزائريّ و جزائريّة طبيعة الطّريق من بدايته حتّى يَسْتَبين الأمرَ و تتّضح أمامه الرّؤيا فلا يكون موضوع تلاعب و أداةً مُغَفَّلة في أيدي الحاقدين أو المُغامرين. 

الاثنين، 5 أبريل 2021

هل تأكل الحراكَ إيديولوجيّاتُه ؟

الحراك مهدَّد بطغيان الإيديولوجيّات التي بدأت تَسْتَعلن و تَطْفو فوق السّطح هنا و هناك.و المتابع لمسيرات الحراك يلاحظ وجود عناصر و لافتات و شعارات تحاول إشعال فتيل التّناحر السّياسي و إدخال الحراكيِّين في  نفق الإيديولوجيّات المُظلم.و إذا كان من واجب الحراك أنْ يكون متنوِّعًا لأنّ قوّته في تنوّعه فليس من مصلحته البتَّة،و ليس ضمانًا لمستقبله و نتائجه، أنْ يكون مُؤَدْلَجًا Idéologisé.

إنّ الحراك،كما أعلن عن نفسه منذ بدايته، هو فوق الإيديولوجيّات و هو إرادة شعب يستهدف بناء دولة العدل و القانون و إنقاذ الوطن من حَمْأة الرّداءة و الفشل التي يتمرّغ فيها و كلّ محاولة لأدْلَجَة هذا الحراك هي إِيذانٌ بفشله و نهايته.

إنّ إحدى نقاط الضّعف في الحراك قد تكون إيديولوجيّاتُه.و لكنّ هذا الحراك حين يتجاوز إيديولوجيّاتِه،فيُعلِّقها أو يُؤجّلها، فإنّه يكون،حينئذٍ، قد تجاوز ضعفه الذي يحاول النّظام الاستثمار فيه و يكون قد اكتسب،في الوقت نفسه، مناعةً و قوّة و نضجًا.

التّحدي الحقيقيّ خلاصتُه في هذا السّؤال: هل يستطيع الحراك أن يكون فوق إيديولوجيّاته فيصبح ذا مَناعة قويّة و نضج يُؤهّله للقيام بدوره التّاريخي أم يستسلم لشَبَح الإيديولوجيّات و حينئذٍ يبدأ مسلسلُ الحراك الذي تأكله إيديولوجيّاتُه...؟ 

الأحد، 28 مارس 2021

المثقَّف من هو ؟


من هو المثقَّف ؟

للإجابة على هذا السّؤال،في جُمَل قليلات مُكثَّفات، ينبغي الابتعادُ،قليلاً، عن تعريف أنطونيو غرامشي ( 1891 – 1937 ) Antonio Gramshi الذي يجعل المثقَّفَ العضويّ،كما يسمِّيه، عضوًا متَّصلاً بطبقته اتّصال العضو بالجسد يَمنحها وَعيًا بمهامّها و يَصوغ أفكارها  و يصنع مواقفها من العالم و الأحداث.و المثقَّف العضويّ،عند غرامشي، إنسان لا تتجاوز إنسانيّتُه انتماءه الإيديولوجيّ و طبقته الاجتماعيّة ضيِّقَ الفكر و ضيِّق الفضاء محكومًا بسلاسل طبقته الماركسيّة مَهْووسًا بمصالحها لا يبغي عنها حِوَلاً.

فَمَن هو المثقَّف إذَنْ ؟

المثقَّف هو إنسانٌ ذو انتماءَين كبيرَين لَيْسَا متناقضَين: انتماؤه إلى الوطن و المجتمع الذي يعيش فيه صباحَ مساء و انتماؤه إلى المجتمع الإنسانيّ الكبير الذي يتقاسم معه الإنسانيّة و وحدة المصدر و وحدة المصير.و هو،بهذا الوَصف، ينتمي إلى فضاء الإنسانيّة الواسع و يمارس إنسانيّته كاملةً حرًّا كما خلقه الله متخلِّصًا من كلّ الانتماءات الضّيقة و المطامع و القيود و الأوْهاق...

و المثقَّف صاحبُ موقف و صاحب رؤيا و مجالُ اهتمامه هو النّشاط العقليّ و إنتاج الأفكار و هو مُشارك في الحياة العامّة يُعاني أوضاعَ المجتمع الذي يعيش فيه و يُعاني أوضاع العالم الذي ينتمي إليه بفاعليّة و اقتدار بعيدًا عن السّلبية و الانطواء.

و المثقّف لا يتقلّد مسؤوليّات في الحياة العامّة و ليس خادمًا للسّلطة القائمة أو موظَّفًا عندها أو مُطَبِّلاً لها،و قد يلتقي معها، و ليس مَعنيًّا بثقافة الصّالونات و القاعات المكيَّفة و ثقافة المناسبات و الاستجداء.و تتجاوز اهتماماتُه روابط الأرض و العِرض و البشرة و اللّون و العاطفة و الوجدان و يتولَّى الدّفاع عن القيم الإنسانيّة الخالدة و الإعلان عن مواقفه و إبداء آرائه و تحليلاته في قضايا مختلفة في مجتمعه و في العالم.  

و بهذه الأوصاف يصبح هذا المثقّف ذا هَيبة و حضور متمتِّعًا بسلطة معنويّة فَيفُوز بالمكانة و الاحترام و يكون،حينئذ، مؤهَّلاً لصناعة التّاريخ و المشاركة في جهود البناء و التّغيير 

الأربعاء، 24 مارس 2021

فَرّقْ تَسُدْ


( فَرّقْ تَسُدْ ) هو مصطلح سياسيّ و عسكريّ و اقتصاديّ لاتينيّ الأصل Divide et Impera و هو استراتيجيّة تستهدف زرع الخلاف بين عناصر التّكتل الواحد لإضعافه ثمّ استخدام قوّته للتّأثير عليه.و قد يَعني،بصورة أخرى، تَشْتيت قوّة الخَصم،أو العدوّ، و تقسيمه إلى كُتَل و أقسام مُبعثرة غير متّحدة ليَسهُل التّعامل مع كلّ كتلة أو قسم على حِدة و شلّ حركته و القضاء عليه أو تَحْييده.و قد يُقصد بهذا المصطلح،أيضًا، تفريق القوّة التي لم تَتّحِد بعدُ و تمزيقها و مَنعها من التّكتل و الاتّحاد.

و سياسة( فَرّقْ تَسُدْ ) قديمة قدم الإنسان يلجأ إليها المستبدّون و حكومات الاستبداد الذين يَحتكرون السّلطة كما يلجأ إليها الاستعمار،و جهاتٌ عديدة، للقضاء على كلّ مقاومة تهدّد مشروعهم أو خطر يهدّد وُجودهم.

إنّ سياسة ( فَرّقْ تَسُدْ ) سلاح قديم مضمون النّتائج في بعض الأحيان و هو،أيضًا، سلاح فتّاك يستثمر كلَّ شيء و لا يمتنع عن الاستثمار في أيِّ شيء و هو سلاح قليل الكُلفة و الجُهد مقارنةً بأسلحة أخرى و جهود.

و تعتمد سياسة ( فَرّقْ تَسُدْ ) للقضاء على الخصم و القوّة المنافسة على مجموعة من الوسائل و الآليات منها الحرب النّفسية و نشر الشّوائع و الأكاذيب و الأوهام و تعميم الكراهية و الشّكوك بإشعال فتيل الطّائفية و الجهويّة و تضخيم الخلافات الدّينية و العرقيّة و تذكية الصّراع الإيديولوجيّ و الصّراع حول اللّغة و الهويّة...

و قد تلجأ سياسة ( فَرّقْ تَسُدْ ) إلى توسيع دائرتها و بَسط نفوذها متوسّلةً بوسائل أخرى كصناعة الولاءات و شراء الذِّمم و التّأييد الصّامت أو النّاطق عن طريق مَنح المناصب و العناوين و توزيع الأموال و الغنائم و الامتيازات على شخصيّات داخل القُوَى المُراد هَدمُها و تَفْتيتها أو خارج هذه القُوَى و تتولَّى هذه الشّخصيّات جميعًا مُهمّات التّرغيب و التّرهيب و الحرب النّفسية و الكذب و زرع الشّكوك و توسيع هوّة الخلافات...

و السّؤال هو: هل تنجح سياسة ( فَرّقْ تَسُدْ ) دائمًا ؟

هذا الأمر و الجواب عليه يتوقّف على مجموعة أمور في مقدّمتها موقفُ الجهة المقابلة المُراد تفريقُها و تمزيقُ وحدتها و فَهْمُها لما يُراد لها.فلا تستطيع هذه السّياسة،مثلاً، أنْ تحقّق أهدافها إذا كانت القوّة المُستهدفة تتوفّر على شخصيّات ذات سلطة معنويّة تحظى بالاحترام و التأييد الواسع و تملك الوعي الكافي و القدرة الظّاهرة على التّصدي لهذه السّياسة بذكاء.و أوّل مظاهر هذا الوعي و القدرة هو مُسارعتُها للتّوحد و التّكتل بأيِّ شكل من الأشكال،مقاوَمةً لهذه السّياسة أو مُجاراةً لها، للتّخفيف من آثار هذا الهجوم النّفسية و الواقعيّة و الآنية أو المستقبلية.



السبت، 20 مارس 2021

الصّلاة على النّبي


يومُ الجمعة و ليلتُها من الأوقات التي يُستَحبّ الصّلاة فيها على النّبي محمّد صلّى الله عليه و سلّم.و كلّما ذكرتُ هذا الموضوع أسْتَعيد مشاهد جميلة حين كنّا نجتمع يوم الجمعة بعد صلاة العصر،في مسجد الحيّ،في مَعيِّة ثُلَّة من آبائنا من كبار الحيّ و الشّيوخ رحمهم الله مُتَحَلِّقين و مَرتِّلين بصوت عَذْب و في نغمة حُلوة و إيقاع جميل الصّلاةَ على الحبيب المصطفى صلّى الله عليه و سلّم مدّة ثُلُث السّاعة أو تزيد.

و كان الأطفال يَلتحقون بنا،مُتسابقين، بثيابهم البيضاء الجميلة و ضحكاتهم البريئة.و يتزيّن المسجد زِينةً أخرى ،في هذا الموعد الجميل، فتَغمره الرّوائح الطّيبة و تكْسُوه النّظافة الظّاهرة و تَغشاه السّكينة و الهدوء...كلّ أولئك كان يُعطي لهذه الجَلسة الرّوحية،عصر الجمعة، مِيزة خاصّة و نكهة خاصّة و أيّ نكهة !

و كلّما ذكرتُ هذا الموعد اشتاقت روحي إلى تلك الأرواح الجميلة التي كانت تلتقي في ذلك الموعد الجميل فتَزْهُو بذكر المصطفى عليه الصّلاة و السّلام و تَنْتَشي بحبّه فترتفع هنالك،لحظةً أو لحظات، إلى تلك المقامات العُلَى تُطِلّ منها على سدرة المُنتَهى أو تكاد.

و إنْ نَسيتُ فلن أنسَى ذلك الشّعور الغامر الذي كان يسكُن جوانحي و يَملأُني فما يُبْقِيني و يُظْهرني و يُجْلِيني و يَهَبُني و يُعطيني...أيّامًا و ساعات،بعد هذا الموعد الجميل، و إنّي لأحِنّ إليه،اليوم، كما يَحِنّ الفاقد المُعَنَّى إلى جميل ما فَقَد.و  إنّ مِثْل هذه الكلمات لقاصرة عن وَصف ذلك الشّعور أو تفسيره و مِن واجب اللّغة أنْ تَقِف عند هذا الحدّ لأنّها عاجزة،في هذا المقام، عن الإحاطة بهذا المعنَى بعضِه أو نصفه أو ثُلُثه لأنّه أمر يَجيء مِن وراء  الحدود و الرّسوم و الإرادات 

الاثنين، 15 مارس 2021

( آخر الرّواق ) لإبراهيم حبيب الله قاري

( آخر الرّواق ) هي المجموعة القصصيّة الأولى للقاصّ إبراهيم حبيب الله قاري و تحوي ثماني قصص تنتمي إلى قصص الخيال و الخوارق التي تقع أحداثها،بشكل مفاجئ أو غريب، خارج المسار الطّبيعي للأحداث و الأشياء.

و لستُ ميّالاً كثيرًا لهذا النّوع من القصص و لكنّي سَعِدتُ بقراءة هذه المجموعة القصصيّة التي نَقَلتْنِي،مدّةً أو مُددًا، بعيدًا عن مَضايق الواقع الغليظ و ضغوط اليوميّات.

و الذي أحبّ الإشارة إليه،هنا، بعد هذه السّياحة في ( آخر الرّواق ) أنّ القاصّ إبراهيم قاري يملك الوسائل الأساسيّة للكتابة الفنّية و هي اللّغة و الخيال.و لكنّه مطالب بامتلاك و استصحاب عنصر آخر من عناصر الكتابة النّاجحة و هو المعاناة و مطالب،أيضًا، بتعميق هذه المعاناة التي تَهَب كلّ كتابة،كيفما كانت طبيعتها، تميّزَها و جاذبيَّتها فتجعلها نَسِيجَ وَحْدِها تَنْضَح بما فيها.

اللّغة و الخيال مضافًا إليهما المعاناة: هذا هو الثّالوث السّحريّ الذي يَكتب للعمل الفنّي النّجاحَ   و التّواصل و الامتداد.و إنّ القاصّ إبراهيم قاري يمتلك نصيبًا ظاهرًا بل أنْصِبة معتبرة من هذه العناصر الثّلاثة و لكنّها تحتاج إلى تنمية و تَعَهُّد و صَقل و شَحْذ و تأصيل و تعميق لأنّ إبراهيم قاري لم يُولد،في مجموعته القصصيّة الأولى، قاصًّا كاملاً مكتملاً و لكنّه قد أظْهَر أنّه كاتب واعد و قاصّ يمتلك كلّ أسباب النّجاح و التّفوق في هذا الفنّ الجميل فنّ القصّة القصيرة.

هنيئًا لك هذا المولود الفنّي الجميل مؤمِّلين أن نقرأ لك،في قابل، أعمالاً أخرى جميلة ناجحة.

 

اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/