المنتصر الأكبر،في تركيا، هو الشّعب التّركي الذي حَمَى اختياره و فرض إرادته و دافع عن حرّيته حين
دَحَر الانقلابيِّين و أفشل مؤامرة العَسكر.و إنّ الأمر اللاّفت للانتباه،في
المشهد التّركي، أنّ الشّعب حين تصدّى للانقلابيّين و واجه دبّاباتهم لم يَكُن
يَحمل صُور أردوغان أو يَهتف باسمه و إنّما كان يرفع العَلَم الوطنيّ.و في هذا
السّلوك إشارة منه إلى أنّ الوفاء للوَطن هو الأصل و أنّ الهَبَّة لإنقاذه هي
الفَصل و أنّ الوفاء للوَطن يَعلُو على كلّ وفاء و لا يُضاهيه أيُّ وفاء.و هذا
السّلوك النّوعيّ،في المشهد التّركي، يتناقض تناقضًا كبيرًا مع ما هو سائد في بلاد
العَرب المنكوبة حين يكون الحاكم هو الوَطن أو حين يَذوب الوطن في شخص الوَثَن
فيصبح واجبًا،حينئذٍ، بَل يكون دينًا و عبادةً،آنئذٍ، أنْ تسبِّح الشّعوب بحَمد
الحاكم أوَّلاً ثمّ تُثني عليه ثانيًا ثمّ تقدِّس له ثالثًا دُون أنْ تُهمل ذكر
ألقابه الفَضْفاضة و أيَاديه البَيضاء و نعَمه التي لا تُحصَى و نظرتِه الثّاقبة و
رَأيه الذي لا رأيَ سواه و فَهمه الذي لا أحَد يَنْعاه و فطنتِه و كِياسته و فائق
عنايته و عَطفه و شديد حبِّه و كبير حرصه...و بَعد تقديم هذه الطّقوس الواجبة و
القَرابين اللاّزمة يَجيء ذكرُ الوطن باهتًا في الصّنم أو ذائبًا في شخص الوَثَن
فتَخْتفي المسافة بينهما و الأَمارات.هذا هو الفَرق الكُبَّار بين واقع الشّعوب
العربيّة التي تَصنع آلهتها بأَيْديها و بين شعوب الأرض الأخرى التي تربَّت على
الحرّية و المسؤوليّة فنضِجت و اكتملت إنسانيّتها فهي تَعي واجبها جيِّدًا
فتُنجِزه و تَعرف طريقها بيِّنًا فتَسلكه مُتَمتِّعةً،في الحالَين، بكامل الإرادة
و الوَعي و الاختيار.
الاثنين، 18 يوليو 2016
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟
https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/
-
فرنسا التي دمّرت القصبة سنة 1830 و ما فَتِئت تدمّرها طيلة 132 سنة من الاحتلال الهمجيّ للجزائر تتولَّى ترميم القصبة ضمن اتّفاقية ثلاثية...
-
النّاس أمام الحرّية و العبوديّة صنفان: صنفٌ أصيلٌ فيه لحنُ الحرّية و عميقٌ في رُوحه نداءُ التّمرد و الانطلاق.و كلّما طال زمنُ حَبْسه و امت...
-
ملخّص ما قاله شهاب صدّيق النّاطق باسم التجمع الوطني الدّيمقراطيّ: 1- قوى غير دستوريّة كانت تسيطر على الجزائر في السّنوات الأحيرة 2...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق