العالم كلُّه منشغل بأمريكا و هو يتابع أحوالها في الحرب و في السّلم و حين
تَرضى و حين تَغضب.و يتضاعف اهتمام هذا العالم بأمريكا في فترة الانتخابات إلى
درجة شعوره بأنه مشارك في هذه الانتخابات أو مَعنيٌّ بها أو أنّ مصيره متعلّق
بنتائجها.
فما سبب هذه « التّبعية المُبَطّنة » و ما سبب هذه الجاذبيّة و الافتتان ؟
الجواب: الهَيْمنة .و الهَيْمنة هي القدرة المطلقة على الشّيء من كافّة جوانبه
و بشتّى الوسائل.و هذه الهَيْمنة الأمريكيّة بادية في مظاهرها السّياسية و
الاقتصاديّة و العسكريّة و التّكنولوجيّة.و لكنّ هذه الهَيْمنة بادية أكثر في
مظاهرها الثّقافية و الفنّية إذْ إنّ أمريكا بمؤسّساتها البحثيّة و قياداتها
العلميّة و الفكريّة و الفنّية تَصنع للعالم،بشكل ما، أسلوب تفكيره و نَمط عَيشه و
وسائل نجاحه و أذواقَه و ألوانه...و هي التي تصنع لهذا العالم،أيضًا، لُغته و
قِيمه و مصطلحاته...
و هذه الهَيْمنة بمظاهرها المختلفة هي التي حقّقت لأمريكا هذه السّيادة
المطلقة supremacy على العالم و حقّقت لها هذه الغلبة الظّاهرة في الواقع و في الضّمائر و
الأذهان مِصداقًا لكلمة ابن خلدون الخالدة التي تُؤكّد: « أنّ المغلوب مُولَع
أبدًا بالاقتداء بالغالب في شِعاره و زيِّه و نِحْلته و سائر أحْواله و عَوائده «.