الخميس، 8 أغسطس 2013

عـيد..


...و دخل علينا تَسبقه بَسْمتُه الخفيفة يمشي وئيدًا و تكسو المهابة مُحيّاه.ألقى بجسده المتعب على كرسيّه الخشبيّ و كَسَت وجهَه ذا التّجاعيد سُحنته المعهودة.تفحّص الحاضرين طويلاً و مسح المكان بعينيه الغائرَتين كأنّما يبحث عن غائب أو يتطلّع إلى قدوم مسبوق.ثم صمت صُماتًا و الْتفت إلى مَن حوله مردِّدًا بيت المتنبّي في هدوء و خشوع :
                            عيدٌ بأيّة حال عُدت يا عيدُ...بما مضى أم بأمر فيك تجديد

و كان هذا البيت مدخلَه الذي أحْياه و أيقظه و مبدأه الذي فتح شهيّته :
عيد يجيء و عيد مضى.
و عيد اليوم شبيه بعِيد قضَى
يجيء العيد و ما جفّت مآقينا
و هذي الآلام تَلبِسنا و الأحزان ما بَرِحت،يومًا، نَوادينا
فلطسين ثَكلى و العراق تندُبنا
و الشّام تنزف و أوطان أخرى تنادينا
فكيف العيد ؟ و هل يجوز العيد في نَوادينا ؟

كلّ اللّصوص و الأشرار في الأرض علينا تجمهروا
و إخوانهم في الغيّ و الصّعاليك و بنو صهيون تعسكروا
إلاّ بني قومي فهم أعداء أنفسهم طوائف شتّى و أحزاب و زُمَر
حقد يَطحنهم و خُلف و بأس و ألوان من الظّلم أُخَرُ
فكيف العيد ؟ و هل يجوز العيد في صَفَرُ ؟
......
و مضى الشيخ الجليل يَسرد الوقائع و الأحداث و يُلقي بالأمثلة و الكلمات ممزوجةً بالألم و المعاناة يَصهر بها الحاضرين صَهرًا و يَعصرهم عَصرًا فتراهم مِن شدّة الموقف يتململون و لحرّ الخطاب يستجيبون و هم في كلّ الأحوال إليه منجذبون...
و لكن وجدتُني أردّد لحنًا آخر جميلاً شعرت به بين جوانحي يُطربني و تهتزّ له روحي و يُسعدني:
نعم فلنفرح بالعيد و هذا العيد و كلّ عيد
فالعيد هو عدّتنا.و العيد هو قوّتنا.و العيد هو عودة وحدتنا
العيد مضاء عزائمنا و العيد جلاء مآسينا
العيد هو انتصار على غفلتنا.العيد هو إخراج مِن وَهدتنا
و العيد هو حياة أخرى بعد موتتنا
فَلنفرحْ بالعيد و لْنكبّرْ تكبيرة مَن وَقَفوا،يومًا، هاتفين في بدر و على أُحُدٍ:
الله مولانا و لا مولى لكم...الله مولانا و لا مولى لكم







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اللغة العربية.. إلى أين وصل حالها ؟

  https://arabicpost.net/opinions/2023/12/20/%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%ba%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-4/